حالة من الغضب والذعر الكبير تشهدها الأسواق خلال الفترة الأخيرة؛ بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار البصل، إذ تخطى سعر الكيلو الواحد 50 جنيهًا، مما دفع العديد إلى الاستغناء عنه وعدم شراءه من الأساس والبحث عن أي بديل آخر.
ويتساءل الجميع عن أسباب الارتفاع غير المسبوق والتي لم تشهده كل الأسواق المصرية عبر تاريخها لأسعار البصل؟، والذي كان في بداية موسم الحصاد في مارس الماضي بأقل من 10 جنيهات للكيلو؟!، وهل سيستمر ذلك الارتفاع الجنوني أم ستنخفض أسعار البصل خلال الأيام المُقبلة؟
يقول حسين أبو صدام نقيب الفلاحين: إن أزمة البصل التي تشهدها مصر ليست قضية محلية فقط؛ إذ أن هناك قلة بالإنتاج في الدول الكبرى التي تزرع البصل، مثل: الهند وباكستان والصين، وذلك بسبب الظروف المُناخية.
وأضاف «أبو صدام» خلال تصريحات خاصة لـ«الحرية» أنه على الرغم من ملاءمة مُناخ مصر لزراعة البصل، فإن الإنتاج المحدود لهذا العام أثر في الكميات المتاحة بالسوق، خاصة وأن انخفاض أسعار البصل في العام الماضي دفع العديد من الفلاحين إلى الامتناع عن زراعة البصل هذا العام.
وتابع « أبو صدام» أن الدولة لم تأخذ في اعتبارها قلة المساحة المزروعة، وقامت بتصدير كميات أكبر من العام الماضي؛ مما أدى إلى نقص العرض في السوق المحلية، وزيادة الأسعار حتى بلغت 50 جنيهًا للكيلو الواحد.
وأشار نقيب الفلاحين إلى أن مصر تعتبر ثالث أكبر دولة في العالم في إنتاج البصل بحوالي 3 مليون طن، كما أنها تمتلك إمكانيات كبيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وحتى التصدير، ومع ذلك لم تستفد من هذه الإمكانيات بشكل كامل؛ بسبب سوء الإدارة.
وأشاد «أبو صدام» بقرار الحكومة الذي ينص على تمديد فترة منع تصدير البصل حتى مارس 2024، مؤكدًا أنه قرار جيد سيُساهم في توفير كميات أكبر من البصل بالسوق المحلية.
وأكد أنه حذَّر في شهر يونيو الماضي من سوء إدارة عملية التصدير، بالإضافة إلى مطالبته بفرض رسوم على صادرات البصل أو منع تصديره، ولكن الحكومة استجابت عقب انتهاء الموسم التصديري في شهر سبتمبر الماضي، بعد تصدير نحو 350 ألف طن من البصل.
وحول المسؤول الرئيسي عن أزمة البصل الطاحنة حاليًا، أوضح نقيب الفلاحين أن وزارة الزراعة هيا المسؤولة عن هذه الأزمة، مضيفًا: «الوزارة لم تنذر رئاسة الوزراء بنقص البصل في السوق المحلي؛ وذلك أدى إلى تفاقم الأزمة بشكل كبير؟!».
وتابع: «الدولة تنظر فقط للنتيجة ولكن لا تتدخل في الزراعة ولا الإدارة، وتكتفي فقط بتوفير الأسمدة والتقاوي، وأصبح الفلاح قليل الوعي هو الذي يقرر ما يزرع وما لا يزرع دون إدارة».
وناشد «أبو صدام» الجهات المسؤولة بضرورة تطبيق قانون الزراعة التعاقدية، الذي صدر في عام 2015، والذي لم ينفذ بشكل كامل إلا على زراعة الذرة، مؤكدًا: «تطبيقه على المحاصيل الأخرى؛ سيقلل من حدوث أزمات مستقبلية، إذ أنه يتيح للفلاحين معرفة الثمن المتوقع لمحصولهم قبل الزراعة، كما أنه يُساهم في تحسين التخطيط وتحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب».
ودعا نقيب الفلاحين إلى وضع خطة زراعية واضحة تعتمد على التعاون بين الحكومة والفلاحين، مع تشكيل لجنة تتبع مباشرة لرئاسة الوزراء، تتولى متابعة القضايا الفلاحية وتقديم التوجيهات والتوعية اللازمة.
ونصح «أبو صدام» المواطنين بانتظار عروة البصل الجديدة وترشيد الاستخدام، بالإضافة إلى اللجوء للبصل «المقور» الذي يُعتبر بديلاً أرخص من البصل البلدي بقيمة 20 جنيهًا على الأقل؛ ويرجع ذلك لصغر حجمه، مضيفًا: «يتم حصاده قبل محصول البصل البلدي أو الأحمر على الأقل بشهر، وهو غير صالح للتخزين بسبب سرعة تلفه، والمصانع كانت تشتريه العام الماضي بأسعار متدنية جدًا لتحوله إلى بودرة».
وتوقع نقيب الفلاحين أن سعر البصل سينخفض اعتبارًا من مارس المقبل ليصل إلى 5 و 10 جنيهًا للكيلو الواحد، بالإضافة إلى زيادة المساحات المزروعة لهذا الموسم لأكثر من 250 ألف فدان.
ولفت «أبو صدام» إلى وجود عَلاقة إيجابية بين الدولار وأزمة ارتفاع سعر البصل، موضحًا: «جلبت صادرات البصل إيرادات اقتصادية كبيرة للدولة نتيجة تصدير كميات كبيرة، كما أن البصل منتج محلي تمامًا ويشكل مصدرًا هامًا للدخل الوطني».