بعد إعلان رئيس الوزراء، دكتور مصطفى مدبولي، أول أمس، عن بيع حصص من 7 شركات مصرية، بقيمة 1.9 مليار دولار، للقطاع الخاص أثارت عملية البيع التي اعتبارها خبراء الاقتصاد أنها تمت بدون شفافية بسبب إخفاء تفاصيل عملية البيع عديدة تسأولات حول أرقام ونسب بيع الحصص المملوكة للدولة، وجاء هذا خلال مؤتمر انعقاد بمقر العاصمة الإدارية الجديدة.
وفي هذا الصدد أكد دكتور محمود عنبر، أستاذ الاقتصاد والمستشار بالنبك الدولي، أن تبني الحكومة المصرية لفكرة التخارج من بعض القطاعات الاقتصادية والتي تمتلك حصص بها، لتفسح المجال أكثر للقطاع الخاص، هذه الفكرة جاءت لتتواكب مع الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم، ولكن لا يمكن اختزال هذا فكرة في معنى أو مفهوم الخصخصة، لأن التجارب التاريخية للخصخصة في مصر قولًا واحدًا تجارب سيئة السمعة، ولكن ما يحدث الآن هو عملية تشارك بين القطاع الخاص والحكومة ولكن الأمر يستلزم بعض الضوابط والتي يجب أن تكون معلنة، ولا بد أن يوضح للمستثمر المحلي أو الأجنبي، ما هي القطاعات التي سوف تخرج منها الحكومة وتتركه للمستثمرين، موضحًا أنه لابد من الافصاح عن نسب خروج الحكومة من تلك القطاعات ، وهل سوف تكون نسبة مئة بالمئة أو تخرج بنسبة أقل الأمر يحتاج إلى توضيحيات كبيرة للجميع، ولكن اخشى ما اخشاه أن يختزل الأمر في فكرة أن نتحول مرة أخرى للخصخصة.
تابع عنبر، أنه ليس مؤيدًا تمامًا لفكرة بيع الأصول تحت أي بند أو أي ظرف من الظروف حتى لو هذا الأمر يجلب للدولة العملات الصعبة من الخارج، ولكنى ليس ضد مفهوم افساح الفرصة للقطاع الخاص سواء لفرصة لخلق استثمارات أكبر أو حتى المشاركة مع القطاع الخاص.
وعند سؤاله عن نسب الشركة التي تم بيعها، قال عنبر، الأمر يحتاج إلى قدر كبير من الشفافية في الكشف عن هذه النسب ولكن أين دور مجلس النواب أن دور الجهة الأولى المنوط بها استخدام الرقابة المالية على الحكومة وموضوع مثل موضوع البيع لابد من مناقشته أولا وهذه دور مجلس النواب وليس دور الحكومة وتوفر أكبر قدر من الشفافية لأن هذا مال عام يخص جميع المصريين
رائد سلامة، الباحث الاقتصادي، يؤكد أن عقود البيع التي أبرمتها الحكومة مع قطاع الخاص وخطة توزيع الحصيلة لم تعلن تفاصيلها من قبل الحكومة التي اكتفت بإعلان اجمالي الحصيلة.
في الوقت الذي رفضه خبراء الاقتصاد عمليات البيع، يشير سلامة، أن الاستثمار الأجنبي المباشر هو الأفضل وهو ما تحتاجه مصر فعليًا لأنه ليطرح قيمة مضافة سواء إدارية أو تكنولوجية أو اقتصادية أو مالية حيث يأتى هذا الاستثمار بعملات أجنبية تبقى في البلد ويعاد استثمارها على خلاف الأموال الساخنة.
وأيضًا، يؤكد الخبير الاقتصادي، أن عملية البيع ربما تأتي أيضًا بعملة أجنبية لكنها ستؤول إلى انخفاض قيمة الاستثمارات العامة بنسب التخارج فقد اعلنت وزيرة التخطيط أنه قد تم بيع حصة 37% في 7 فنادق إلى شركة “أيكون للاستثمارات” المملوكة لهشام طلعت مصطفى مع شريك أجنبي عبر زيادة رأس المال، وكذلك اعلنت انه قد تم بيع حصص تراوحت بين 25% إلى 30% من 3 شركات هي “إيلاب” و”الحفر المصرية” و”ايثيدكو” إلى شركة أبوظبي التنموية بقيمة إجمالية 800 مليون دولار، كما اعلنت ايضا انه قد تم بيع حصة تمثل 31% من شركة “العز الدخيلة” بقيمة 241 مليون دولار.
تعديل قانون الاستثمار
أوضحت منى عزت، الخبير الاقتصادي، خلال تصريحات مع “الحرية” أنه يجب تعديل قانون الاستثمار ويكون لدينا بعض الإجراءات التي بدورها تساعد في جذب المستثمر الأجنبي، ولا بد أن يجد بيئة محفزة على الاستثمار سواءً من حيث الإجراءات ولابد أن يكون مطمئن من سير المنظمة القضائية وقت ما يلجأ لها، فبالتالي تتوفر له بيئة مواتية، وهذا لا يوجد تعارض ما بين أن الدولة تحافظ على أصولها وشركاتها مع فتح المجال مع القطاع الخاص بشرط أن تكون جميع القطاعات تخضع لنفس التشريعات والقوانين.
إعادة هيكلية الشركات بدلا من بيع الحصص
أكدت0، الخبير الاقتصادي، أنه كان لا يجب أن تكون أول خطوة تلجأ لها الحكومة، هي بيع حصص من الأصول المصرية سواء كان تبيع الشركات كليًا أو جزئيًا أو حصص منها، ولكن يجب أن تعمل الحكومة المصرية على إعادة هيكلية شركاتها وتعديل وتطوير نظم الإدارة بها ولابد من تطبيق فكرة نظام مبادئ الحوكمة بما يشملها من شفافية ومحاسبة، أن كل ما يكون لدى الحكومة شركاتها القوية والتي تحقق أرباح وتنمو وتنضج في السوق كل ما كان يعزز من قدرة الدولة على إدارة اقتصاد كبير، موضحة أننا بالتأكيد نحن مع دخول القطاع الخاص السوق المصري، سواءً كان قطاع مصري ولكن يأخذ شكل تحالفات أو بالشراكة مع مستثمرين عرب أو أجانب، لأنه هذا يعزز من فكرة التنافسية في السوق، ولكن ما يحدث الآن خلاف ذلك، لذا يجب أن تدار بطريقة لا تجعلنا يوضع لنا شروط أو قواعد في مجال الاستثمار، وبالتالي نحن مع المستثمرين وتسهيل جميع الإجراءات لدخولهم والاستثمار في السوق المصري بالشراكة مع مستثمرين مصريين.
أسلوب بيع الأصول للحصول على الدولار:
تابعت عزت، أن الحكومة تلجأ الآن لفكرة بيع هذه الأصول لأكثر من سبب، جزء منها لأنها تحتاج الحصول على العملة الأجنبية، “الدولار” لذا يجب على الحكومة لا تجعل احتياجها للدولار أنها تطرأ أن تبيع أو تزيد من وتيرة بيع هذه الشركات أو وتيرة حصص الأجانب في الشركات الحكومية، لأن هذا يؤدي في حقيقة الأمر إلى خفض قيمة سعر هذه الشركات، لذا يجب على الدولة تتخذ أسلوب التروي في قرار البيع ويكون هناك طريقة مناسبة التي تطرح بها حصص الشركات للأجانب حتى لا تخسر المزيد من الأموال، قائلة” لا منخليش المعروض كتير فالسعر يقل”، وأشارت إلى أن الرأي عام لا يعرف على أي أسس تم تقيم بيع هذه الحصص، وللأسف هذه البيانات والمعلومات لا تكون واضحة ولذلك تظهر بعد ما يكون القرار حيز التنفيذ أو تم العمل، لذا يجب على الحكومة تستمع وأشارك لأصوات مختلفة وخبراء ومتخصصين اقتصاد مختلفين ويكون لدينا حوار متنوع لكي نصل لسعر المناسب للبيع.