على مدار 5 أعوام عمل في مهنة صاحبة الجلالة، ما بين رحلات عمل بفترات مختفلة في مؤسسات صحفية قومية وخاصة وحزبية ومواقع الكترونية، لم أشعر يوما ببيئة عمل ومناخ صحفي صحي مناسب يربطني بصاحبة الجلالة مثلما فعلت “الحرية” وعانقتني أنا وزملائي بكل ود وحب.
لم يكن موقع الحرية بالنسبة لي مجرد تجربة صحفية مهنية جريئة فقط، في البداية كانت نابعة أولا من ثقتي في شخص “عمرو بدر” مع حفظ الألقاب، هذه الثقة التي لم اعتد عليها منذ التحاقي بالعمل الصحفي في قاهرة المعز، وبحكم طباع الصعيد التي نشأت وترعرعت فيه، والذي شكل بداخلي خوفا من “دهاء القاهريين” وجعلني في حرص دائم ألا أفرط في الثقة تجاه أشخاص تختلف طباعهم ومعتقداتهم عني، إلى أن وجدت نفسي في أزمة خاصة تتعلق بالتحاقي بنقابة الصحفيين، فما كان منه إلا أن يكون داعما ومدافعا عن حقي أنا وزملائي؛ وهو ما رأيته بعد ذلك في “الحرية”، فانتقل شعوري بالمساحة الآمنة من رئيس تحرير يمتلك جميع الأدوات التي تشكل صحفيا مهنيا مبدعا، إلى مدراء تحرير يعاونوه ويدعمونا دون أي تعالٍ وضغوط عمل، إضافة إلى زملاء مهنة يجمعهم حب تجربة صحفية شعروا بالانتماء إليها، فحاوطوا على أنفسهم بالحب والدعم لبعضهم أيضا.
قبل يوم الانطلاق، استمرت التجهيزات لليوم التالي أكثر من 16 ساعة عمل، الفريق عبارة عن خلية نحل جميعها على طاولة واحدة يتوسطها رئيس تحرير، لم يجلعنا نشعر بذلك اطلاقا رغم التوتر الذي تسرب داخلنا خوفا على التجربة وثقة من ينتظر خروجنا للنور، لكن كانت روح المرح والضحك واحتساء القهوة وأغاني الست أذابت ذلك، ولم تشعرنا بتعب 16 ساعة من التفكير والكتابة والتواصل مع المصادر؛ حتى انتهى اليوم ونحن على قلب تجربة واحدة لم تفقد شخصا واحدا، بل على العكس تماما، زادت الفريق ترابطا؛ محبة في التجربة وشغفا في تقديم صحافة حرة لا يملى عليها ما تقول وتكتب، يحكمها ضمير واحد وقيم واحدة.
بعد انطلاقة اليوم الأول، وجدت نفسي وسط دائرة مرعبة، مع ضغوطات حاوطتني من جميع الجهات، جميعهم اتفق لأول مرة على تركي للتجربة، مشددين على ما سيلحق بي في حال استمراري في الكتابة بالحرية، وآخرين دبروا المكائد للنيل من مستقبلي وأحلامي، وفي لحظة واحدة، قررت أن أغادر جميع الأماكن التي لم تسعني أنا وأحلامي، وقررت أن أظل مرتبطة بالحرية، وفقط.
الآن، وبعد 30 يوما من العمل في الحرية، أعتز بوجودي في مناخ صحافة حرة رغم القيود، أعتز بكوني جزءًا من هذا الكيان، أشعر بكل فخر نحو كلماتي التي أسردها لجمهور الحرية، ويكفيني شعور أني حرة طليقة كما تمنيت دائما.