كتبت- زينب العقيدي
“الشعب يريد إسقاط النظام” بهذا الشعار صدح التونسيون في شارع “الحبيب بورقيبة” أيقونة الثورة التونسية مساء الجمعة 13 سبتمبر 2024 في واحدة من أكبر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة في قلب العاصمة، والتي تأتي قبل أيام من انتخابات رئاسية قادمة في الـ 6 من أكتوبر، حيث خرج مئات التونسيين للمطالبة بحماية الحريات واحتجاجا على الانتكاسة التي شهدتها الديمقراطية خلال حكم قيس سعيّد وعلى غياب المناخ التنافسي في الانتخابات وفق تعبيرهم، إضافة للمطالبة بالإفراج عن سجناء الرأي والمعارضين والصحفيين.
الشعب التونسي
لم تقف المطالب عند هذا الحد، بل رفع التونسيون شعار “ارحل” و”الشعب يريد إسقاط النظام” ليعيدوا الذاكرة إلى ثورة 2011 التي أدت للإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ذلك التاريخ الذي كان نقطة فارقة في تاريخ تونس.
لماذا قرر التونسيون الانتفاض اليوم؟
منذ يوم 25 يوليو 2021 يتهم التونسيين قيس سعيّد باحتكار السلطات حين قام بتجميد أعمال البرلمان وما تلاه من قرارات ومراسيم رئاسية جعلت السلطتين التنفيذية والتشريعية بيده، وتصديقه على دستور جديد يعطيه الصلاحيات كاملة بعد أن كانت محدودة، لكن القطرة التي أفاضت الكأس هو ما تعرض له المرشحين الرئاسيين الذين يتهمون سعيّد بمحاولة عرقلتهم ومنعهم من الترشح للانتخابات، منهم من اعتُقل بتهمة تزوير تزكيات شعبية، ومنهم من أُصدر بحقه قرارا بمنع الترشح مدى الحياة، ومنهم من رُفضت ملفات ترشحهم لوجود نقص فيها وفق تبرير السلطات، وهو أمر لم تشهده تونس منذ الثورة.
السباق الرئاسي في تونس
بعض هؤلاء المرشحين تقدموا بطعون للمحكمة الإدارية، التي بدورها قررت قبول الطعون وإعادتهم للسباق الرئاسي، لكن كان لهيئة الانتخابات رأي آخر، إذ رفضت المثول لقرار المحكمة بحجة أنها لم تبلغ الهيئة بقرارها في غضون 48 ساعة وفقا للقانون.
هنا أصبح التونسيون أمام 3 مرشحين رسميين وفقا للقائمة النهائية لهيئة الانتخابات، وهم الرئيس الحالي قيس سعيّد، زهير المغزاوي والعياشي زمال، لكن اللافت في الأمر أن الأخير تعرض للاعتقال قبل ساعات من إصدار القائمة بتهمة شراء تزكيات، وتم إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه، مع تأجيل النظر في قضيته ورفض القضاء جميع مطالب الإفراج عنه.
وقبل خروج التونسيين للاحتجاج بأيام، شنت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات طالت العديد من منتسبي حركة النهضة التونسية، الأمر الذي نددت به الحركة ووصفته بمواصلة سعيّد التضييق والتنكيل بمعارضيه في ظل مناخ سياسي متوتر.
مرسوم الرئيس التونسي قيس سعيد
ومن بين أبرز المطالب التي رفعها المتظاهرون، إلغاء المرسوم 54 الذي أقره قيس سعيد والذي يعاقب بالسجن أو بالغرامة كل من ينشر أخبارا كاذبة أو مضللة، على أن يتم مضاعفة العقوبة عند المساس بموظف عمومي، هذا المرسوم المثير للجدل الذي راح ضحيته العديد من الصحفيين والناشطين الذين يقبعون حاليا في السجون بسبب آراء منتقدة للسلطة صرحوا بها أو شاركوها على مواقع التواصل.
ووفقا للشبكة التونسية الدفاع عن الحقوق والحريات، وهي الشبكة التي دعت للمسيرة الاحتجاجية الأخيرة في تونس، فإن هذا الحراك لم ينتهِ هنا، بل سيتم تنظيم مسيرات واحتجاجات في الأيام القادمة للدفاع عن مكتسبات الثورة.