بعد المفاجأة التي حققتها أوكرانيا باجتياح مدينة كورسك الروسية شرق روسيا يوم السادس من أغسطس الماضي، والسيطرة على عشرات القرى والبلدات الروسية، زادت الضغوط على الجيش الروسي، وبات مطالبًا باستمرار التقدم شرق أوكرانيا في إقليم دونباس، والفاظ على الأراضي التي سيطر عليها بعد أكثر من عامين على الحرب، وفي نفس السياق، أصبح ملزمًا بمواجهة القوات الأوكرانية في كورسك، وإخراج الجيش الأوكراني من القرى الروسية التي سيطر عليها، وبين التقدم الروسي في دونباس والدفاع عن كورسك، أضحى استدعاء جنود روس من الاحتياط، أو بشكل أوضح تجنيد روسي جديد أمرًا ملحًا لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبالفعل، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بزيادة عدد أفراد الجيش الروسي بواقع 180 ألف جندي، ليصل العدد الإجمالي للقوات إلى 1.5 مليون جندي، وجاء ذلك في مرسوم رئاسي نشره الكرملين، ليدخل حيز التنفيذ مطلع ديسمبر المقبل، وحدد المرسوم عدد أفراد الجيش الروسي بنحو مليونين وأربعمائة ألف، بينهم مليون ونصف المليون جندي، ووجه أوامر للحكومة بتوفير التمويل اللازم، وأخر زيادة في أعداد الجيش الروسي كانت في ديسمبر الماضي، بزيادة عدد الجيش إلى مليونين ومائتي ألف فرد بينهم مليون وثلاثمائة وعشرين ألف جندي.
وبحسب معهد دراسات الحرب الأمريكي، فإن عملية اجتياح القوات الأوكرانية منطقة كوسك غرب روسيا أعاقت خطط موسكو للتوسع في شمال شرق أوكرانيا، وأفسدت العمليات الهجومية الروسية المخطط لها عبر جبهة أوسع في شمال شرق أوكرانيا”، وهو ما اضطر روسيا إلى إعادة نشر عناصر إضافية في منطقة كورسك، لتكون قادرة على متابعة عملية هجوم مضاد مستدامة”، وبالفعل هاجمت القوات الروسية كورسك بعناصر من وحدات المشاة المحمولة جواً والبحرية المختلفة، واستعادوا بعض الأراضي.
وأكدت خريطة معهد دراسات الحرب، استيلاء روسيا على سناغوست، وتقدمها شرق بلدة كورينيفو في كورسك، وأن هناك نشر حوالي 35000 جندي روسي في منطقة كورسك، وتزامنًا مع التقدم الروسي في كورسك، يشهد الجيش الأوكراني انهيار دفاعي شرقًا في إقليم دونباس، بعد قصف روسي متواصل لعدة أيام بمئات الصواريخ والطائرات المسيرة، واستهداف محطات الطاقة ومناطق تجمع الجنود ومراكز تصنيع المُسيرات ومحطات الكهرباء والمياه وملاجئ في عدة مدن في مقدمتها كييف وخاركيف.
ولذا فإن نجاح الجيش الروسي في تحقيق مكاسب كبيرة شرق أوكرانيا، وحاجته للحفاظ عليها من الانهيار، ومساعيه لإخراج الأوكران من كورسك تعني الحاجة إلى مزيد من الجنود والقوات، حتى في ظل دعم القوات الشيشانية، لاتزال هناك حاجة إلى تجنيد ألاف الجنود، إما للقيام بالمهام الاعتيادية في الدعم والإمداد والإسناد، أو لدعم خطوط الجبعة بما تحتاجه من أفراد للقيام بأعمال أقل خطورة من الاشتباك المباشر.
وتواجه روسيا تهديدات حال فشلها في استرداد كورسك، تحديدًا إذا حدثت مفاوضات بين موسكو وكييف، ومن المتوقع أن تكون الأراضي التي احتلها زيلينسكي في كورسك مقابل خروج روسيا من إراضي إقليم دونباس، حتى وإن كانت الأراضي التي تسيطر عليها روسيا أكبر بأضعاف، ووقتها ستكون الأرض مقابل الأرض، وهو ما تسعى إليه إدارة بايدن قبل انتهاء ولايته.
وتصدت قوات كييف الجوية أول أمس الثلاثاء، لـ34 من أصل 51 طائرة روسية بدون طيار تم إطلاقها ليلًا، وبحسب وكالات أنباء الروسية استهدف الجيش الروسي البنية التحتية الرئيسية للطاقة في منطقة سومي شرق أوكرانيا، وأسقطت كييف 16 طائرة مسيرة من أصل 51 مسيرة، بخسائر وأضرار محدودة