في ظل المتغيرات السياسية التي يشهدها العالم حاليًا، يطرح السؤال: هل يغادر السوريون مصر بعد رحيل الأسد؟ هذا السؤال يرتبط بالعديد من العوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية التي قد تؤثر على قرار العودة إلى سوريا.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، شهدت مصر تدفقًا كبيرًا من اللاجئين السوريين الذين فروا من الأوضاع الأمنية والإنسانية الصعبة في بلدهم.
هل يغادر السوريون مصر بعد رحيل الأسد؟
وبحسب بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حتى تاريخ الثامن من نوفمبر 2024، يوجد في مصر نحو 148,439 لاجئًا سوريًا مسجلًا، مما يجعلهم الفئة الأكبر بين اللاجئين في البلاد، الذين يصل عددهم الإجمالي إلى 846,431 لاجئًا.
هؤلاء اللاجئون ليسوا فقط من سوريا، بل يتوزعون بين عدة دول مثل السودان وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، بالإضافة إلى أعداد من اليمن والصوما، ولكن الأرقام الرسمية للدولة تشير إلى أن هناك أضعاف هذا العدد من السوريين في مصر، حيث توجد أعداد كبيرة منهم مقيمة في مصر بصفة غير مسجلة، كطلاب أو مستثمرين.
العوامل المؤثرة على قرار العودة
وعند الحديث عن إمكانية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد رحيل الأسد، هناك العديد من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار، أحد هذه العوامل هو الموقف السياسي الدولي والإقليمي، خصوصًا في ظل التقارير التي تتحدث عن تراجع الدعم الدولي للأسد بعد سنوات من الهيمنة الروسية والإيرانية على الملف السوري.
كما أن النظام السوري قد فقد قدرته على استعادة سيطرته على العديد من المناطق التي دُمرت بفعل العمليات العسكرية المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات.
الوضع الإنساني في سوريا
من ناحية أخرى، لا يزال الوضع في سوريا غير مستقر على الرغم من بعض المحاولات الدولية لتحقيق التسوية السياسية. العديد من المناطق السورية لا تزال تشهد دمارًا شاملًا، إضافة إلى معاناة السكان من نقص في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه.
كما أن 40% من اللاجئين السوريين المسجلين في مصر هم من الأطفال دون سن السادسة عشر، مما يزيد من تعقيد قرار العودة بالنسبة للعائلات الكبيرة التي قد تخشى على مستقبل أطفالها في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة في سوريا.
اقرأ أيضًا: جمال سليمان يتصدر التريند بعد اعتزامه الترشح لرئاسة سوريا.. القصة الكاملة
عودة السوريين من دول الجوار
وفي سياق الحديث عن العودة، لا تقتصر هذه الظاهرة على مصر فقط، بل تشمل العديد من الدول الأخرى التي تستضيف لاجئين سوريين، ففي تركيا، على سبيل المثال، أعلن العديد من اللاجئين السوريين عن رغبتهم في العودة إلى وطنهم، حيث ظهرت مشاهد للاجئين يعبرون عن شكرهم لتركيا بعد سنوات من الإقامة هناك، مؤكدين أنهم سيعودون إلى سوريا في وقت قريب.
وقد أظهرت التقارير الميدانية وجود طوابير على الحدود السورية-التركية، حيث يُسمح للسوريين بالعودة بشرط أن تكون عودتهم نهائية، ما يؤدي إلى إلغاء وضعهم كلاجئين.
وفي الأردن، الذي يستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري، بدأ أيضًا بعض اللاجئين بالعودة إلى سوريا، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أكد في تصريحات له على أن الحل الأمثل هو عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم عند استقرار الأوضاع هناك.
دور المفوضية السامية في تسهيل العودة
وجدير بالذكر أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعمل على توفير الدعم اللازم للاجئين الذين يرغبون في العودة إلى سوريا، بحسب بيانات المفوضية، فإن العودة الطوعية للسوريين ممكنة بشرط أن تكون الظروف في سوريا آمنة، وأن تتم العودة في ظروف من الأمان والكرامة.
وتقدم المفوضية المساعدة في مرحلة ما قبل المغادرة، بما في ذلك حجز تذاكر الطيران وتوفير مساعدة نقدية لتغطية النفقات الأساسية مثل النقل داخل سوريا.
كما أن المفوضية توفر المعلومات اللازمة للاجئين بشأن الوضع في بلدهم، وتؤكد على ضرورة أن يكون قرار العودة مستنيرًا ومنظمًا لضمان سلامتهم وكرامتهم أثناء العودة.
فرار الأسد بعد هجوم مفاجئ
وفي تطور مفاجئ ومؤشر على تحول حاسم في مسار الصراع السوري، أعلنت فصائل المعارضة المسلحة السورية مساء السبت الماضي الأحد عن فرار الرئيس بشار الأسد من دمشق، وذلك بعد تعرض قوات النظام لتهديدات قوية جراء هجوم مباغت.
وأسفر الهجوم عن انهيار سريع لقوات النظام في العديد من المناطق الاستراتيجية مثل حلب وحماة وحمص، وصولاً إلى العاصمة دمشق. هذا التحول المفاجئ يعكس تغيرًا كبيرًا في المشهد السياسي والعسكري في سوريا، مما يثير تساؤلات حول مستقبل النظام السوري في ظل تزايد الضغوط العسكرية والسياسية.
اقرأ أيضًا: ضياء الدين داود لـ«الحرية»: سوريا بعد حكم الأسد بداية حلم جميل ولكنه محفوفًا بالمخاطر