سألني ذلك الشاب مندهشًا، وعيناه مملوءتان بالدموع: “ألست حزينًا على السيد حسن نصر الله؟”.
قلت له: “بلى، ولكنني أغبطه على ما ناله من جائزة كبرى، وذلك يُخفف الأحزان كثيرً”.
لقد رأيت بعيني جثمان أحد الرفاق بعد أيام من استشهاده، ولم نكن في وضع يسمح باسترداد جثمانه بسبب نيران العدو.
عندما تأملت في ملامحه، كان هو نفس مصطفى رفيق عنبر الكلية الحربية، بل إنه كان مبتسمًا، يبدو قَريرًا مرتاحًا، ولم نلحظ أي انتفاخ أو رائحة، مثلما كانت عليه جثث جنود العدو التي كانت على مقربة منه، وتقريبًا قتلهم مصطفى قبل أن يستشهد.
يا بني، كانت تلك والله أعز الجوائز التي نرجوها من الله، وأهم من كل الأوسمة التي تقلدناها فيما بعد؛ فهل يمكن أن يعادل شيء شهادة نكون بعدها “أحياءً نرزق عند ربنا في جنات النعيم”؟ ذلك وعد الله، والله لا يخلف وعده.
تحية للرفيق الشهيد مصطفى عبد السلام، وليس لدي أدنى شك أنه يسمعها مني الآن، ولعله يبتسم وهو يتذكر تعاهدنا في آخر لقاء بنادي الجلاء قبل الحرب أن نستشهد معًا في عملية صاعقة خلف خطوط العدو.
“مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”.