بعد اجازة عيد الاستقلال الأمريكي عن بريطانيا في الرابع من شهر يوليو الجاري، أعلنت شركة ميتا إطلاقها تطبيق جديد يسمى ثريدز، يحاكى فكرة تطبيق تويتر للتدوينات القصيرة مع مزايا مختلفة، وذلك بعد أسابيع قليلة من عرض الملياردير وخامس أغنى رجل في العالم مارك زوكربيرج مالك شركة ميتا المالكة لفيس بوك وانستجرام، تحديه إيلون مالك أغني رجل في العالم ومالك تطبيق تويتر وشركة سيارات تسلا، في مصارعة الأقفاص المغلقة مستغلًا صغر سنة وتمتعه بلياقة بدنية أقرب من ماسك الأكبر عمرًا وصاحب “الكرش” غير الممارس للرياضة، ومع إنشغال وسائل الإعلام العالمية والمصرية بهذا التحدي المثير، كان كل ذلك ما هو إلا لفت النظر من جانب مارك زوكربيرج الذي تدير ثروته خمسة شركات كبري في أمريكا متخصصة في إدارة ثروات الأثرياء وعمل حملات تسويقية لهم لزيادة أرباحهم باستمرار حتي وهم نائمون!
صراع أم حرب اقتصادية وسياسية
ذهبت العديد من الأخبار والتحليلات لتصريحات صحفية متبادلة بين مُلاك تويتر وثريدز والمديرين التنفيذيين فيه ومراقبك حركة الأسهم في البورصة الأمريكية، وزيادة عدد المتابعين في التطبيق الجديد المدعوم من أخويه فيس بوك وانستجرام.
لكن ما لا يمكن إنكاره أن إدارة شركة ميتا حاولت كثيرًا ابعاد مارك زوكربيرج عن مجلس إدارة الشركة بعد أن لاحظت تراجع أعداد المنضمين الجدد لفيس بوك وكذلك وجود محتوي مُنفر في انستجرام.
منذ ثلاث سنوات وتحديدًا في ٢٩يوليو ٢٠٢٠، ذهب مارك زوكربيرج إلى الكونجرس الأمريكي (اسم يطلق علي مجلسي النواب والشيوخ) لسماع شهادته فيما ينسب إليه من احتكار سوق مواقع التواصل الاجتماعي من خلال شراء تطبيق انستجرام وضمه لشركة الفيس بوك قبل تغيير اسمها إلى ميتا، لأنه كان منافسًا قويًا، كذلك خلال ذات الجلسة تم توجيه انتقادات بسبب فضيحة تسريب بيانات المستخدمين لطرف ثالث والتربح التجاري منها وهو ما ساهم في شراء شركة بريطانية لبيانات مما ساعدها في تقديم استشارات سياسية تسويقية للمرشح الرئاسي ترامب وفاز بالانتخابات بسبب ما توافر من معلومات عن توجهات الناخبين السياسين والتلاعب بها عبر حملات إعلانية بشكل احترافي.
وفي عام ٢٠٢١ وجه الكونجرس انتقادات حادة لمارك زوكربيرج، لان بعض البرلمانيين اكتشفوا ان سلوكيات البنات والسيدات في امريكا اتغيرت بسبب تاثير انستجرام وده خطر علي استقرار المجتمع وترويج لتجارة الأجساد، بإلإضافة إلى تأرجح أسعار أسهم الشركة الأم وفشل عدة مشروعات دخلتها في الذكاء الاصطناعي والنظارة الذكية الجديدة وعدم تحقيق أرباح مقبولة لمجلس الإدارة والمستثمرين من تطبيق “واتساب”.
الصراع بين الحربين الجمهوري والديمقراطي
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وتحديدًا يوم ٥ نوفمبر ٢٠٢٤، يزداد الصراع السياسي بين الحزبين مستخدمين أدواتهم المختلفة لتوجيه الرأي العام، لذلك نجد أن إيلون ماسك أعلم انحيازه مبكرًا للحزب الجمهوري الذي ينتمي له ترامب وهو أقوى المرشحين من داخل الحزب ليفوز بالانتخابات القادمة تحت شعار “أمريكا رائعة مرة أخرى” وهو يستخدم المصطلحات الوطنية عادة لاستثارة مشاعر القوميين الأمريكيين، بينما الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن يتخذ سعارًا (هيا لننهي هذا العمل).
وبين ترامب وبايدن وحزبيهما، يستغل أثرياء أمريكا الفرصة لتمويل الحملات الانتخابية للحصول علي مكاسب سياسية في المستقبل وتكوين لوبي للدفاع عن مصالحهم، وهنا لا يمكن تجاهل تأييد ايلون ماسك مالك تويتر للرئيس السابق ترامب، بل وأرجع حساباته المجمدة للعمل مرة أخرى من قبل الملاك القدام للتطبيق، وكان ترامب قد شن هجومًا حادًا علي مارك زوكربيرج مالك الفيس بوك لتجميد حساباته واتهمه انه ضد الحريات بل وقام ترامب بإنشاء موقع تواصل اجتماعي ليكون بديلا للفيس بوك يسمي (تروث سوشيال)، لكنه فشل بسبب مقاطعة المعادين لترامب وهم مجموعات ليست بالقليلة لأن ترامب نجح في صناعة طوابير من الأعداء في فترة زمنية قصيرة (٤سنوات في البيت الأبيض).
الصراع الأمريكي -الصيني الروسي
ولا يمكن اغفال أن الخطر الذي تقلق منه الشركات الأمريكية هو تصاعد قوة شركة “بيت دانس” الصينية المالكة لتطبيق “تيك توك”، الذي يعد الأكثر استخدامًا وتحميلًا في أمريكا أخر عام ونصف العام وفقًا للاحصائيات الأمريكية، وفي ظل الحروب القضائية وقرارات الحكومية لمنع أو تحجيم استخدام التطبق الصيني بحجة تسريب بيانات المستخدمين الحكومة الصينية، استحدثت الشركة المالكة تطبيق جديد يتحرك بخطوات ضعيفة يسمي “ليمون١٨”، ليكون نسخة جديدة من تيك توك!، بالإضافة لوجود بديل محلي صيني للفيس بوك وهو “com.51” وأخر للطلاب يسمي “رينرين Renren”
بينما روسيا تلعب بتطبيقها “فكونتاكتي VK” الذي يعد منافسًا محليًا شريًا للفيس بوك، وتقوم الحكومة الروسية بدعمه بقوة، كذلك تدعم بشكل غير مباشر تطبيق “”تليجرام” رغم أنها تنفي ذلك مرارًا وذلك لينافس تطبيق المراسلات النصية واتساب الأمريكي التابعة لشركة “ميتا”.
شبح “سناب شات”
لم يقتبس أو يستنسخ زوكربيرج فكرة تطبيق ثريدز، لأول مرة إذ فعل ذلك من قبل مع تطبيق تيك توك الصيني واقتبس فكرة الفيديوهات القصيرة لكنه أضاف ميزة أنها أطول قليلًا ليستحوذ علي اهتمام شريحة من الجماهير التي ذهبت للتطبيق الصيني، وفعل ذلك مع انستجرام قبل أن يستحوذ عليه بالحصول علي فكرة “القصة” أو “story” وفعلها أيضًا مع تطبيق واتساب عندما ظهر تطبيق ماسنجر وتحديثاته ما أجر مُلاك هذه التطبيقات علي قبول عروض مالية من زوكربيرج حتي لا ينتهي بهم الحال مثل محرك البحث الشهير ياهو الذي رفض عرض من جوجل ما أدي لأنه تم تدميره بنسبة كبيرة، لكن التطبيق الوحيد الذي صمد في وجه مؤسس الفيس بوك ، هو تطبيق سناب شات الذي يستحوذ علي الجيل الجديد في أمريكا وأوروبا وبعض ودول الخليج العربي، لذلك أصبح رمز تطبيق سناب شات الذي هو عبارة عن شبح أو عفريت، يمثل نقطة عجز وضعف دائم في أمريكا لزوكربيرج.