كتب عمر رمضان:
على مدار الأيام التي تلت اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وما تلى ذلك من تأكيدات إيرانية أنها سترد على الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل من اغتيال لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران ثم نصر الله، كانت في مصر حالة من الترقب مشوبة بالسخرية بدرجة ما من تأخر الردود الإيرانية والنقد للنظام الإيراني، الذي شجع المقاومة في لبنان وغزة على خوض معركة غير متكافئة مع الكيان الصهيوني، أو توقعات بأن تكون على أقصى الظروف ردود «هزيلة» شبيهة بعملية الوعد الصادق 1 في أبريل الماضي.
هذه الحالة من الترقب الساخر نوعا ما، ما لبث أن تغيرت مع حلول ساعات مساء الثلاثاء الأول من أكتوبر تشرين الأول والأنباء الواردة عن توجه مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي لملاجئ حصينة ترقبا لضربة إيرانية، ثم باتت العيون مفتوحة على اتساعها مع مشاهد إمطار إسرائيل بالصواريخ الإيرانية ومحاولات القبة الحديدية التصدي لها، بدا أن شيئا مختلفا يحدث هذه المرة خاصة مع تصريح المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري وطلبه من المواطنين عدم تصوير أوبث مقاطع فيديو للصواريخ التي سقطت في البلاد، إذن ، هناك ما يرغب الجيش الإسرائيلي في إخفاؤه.
سرعان ما امتلأت صفحات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها تطبيق فيسبوك، بمظاهر الفرحة بما فعلته إيران، رافقها انتشار واسع لمقاطع فيديو لسقوط الصواريخ الإيرانية في العديد من المدن الإسرائيلية وعلى رأسها تل أبيب عاصمة الكيان، وسخرية من القبة الحديدية التي اخترقت بهذا الحجم الكثيف.
هذا الاحتفاء الشعبي طرح العديد من الأسئلة، لماذا فرح المصريون بصواريخ طهران؟
وبشكل عام، أين مصر «الشعبية والرسمية» مما يحدث في الإقليم؟
فمصر الشعبية غائبة تقريبا، فلا مظاهرات ولا مؤتمرات حزبية ولا ندوات، ومصر الرسمية تكتفي بدور الوسيط ف محاولات الوصول لهدنة في غزة، بل إن إسرائيل تتجاهل تماما المطالبات المصرية لها بالانسحاب من محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وغزة، والانسحاب من معبر رفح الحدودي بين مصر والقطاع أيضا.
وماذا تفعل مصر بعد أن توسع الصراع بعد الضربات الإسرائيلية للبنان، وبدايات الدخول الإسرائيلي البري لجنوب لبنان؟ خاصة أنها خلال الأشهر الأخيرة ومنذ توقف مباحثات الهدنة في غزة، لم يعد يصدر عنها سوى بيانات شجب وإدانة، ما اعتبره كثيرون أقل مما هو مطلوب.
عداء تاريخي
يقول هيثم شرابي عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع اليساري، إن الفرحة الجماهيرية في مصر بصواريخ طهران مسألة طبيعية بحكم الإرث التاريخي من العداء بين المصريين وبين إسرائيل، فأي ضربة تتلقاها إسرائيل تسعد المصريين، وأيضا بالطبع فرحوا تضامنا مع غزة.
يتابع هيثم، الفرحة كانت منقوصة لأن الضربات الإيرانية لم تكن موجعة، لكن مشاهد الإسرائيليين وهم يهرعون نحو الملاجئ مدعاة للفرحة بالطبع.
يعتبر شرابي أن هناك عدة أسباب لضعف الأنشطة الشعبية الداعمة لغزة، ويقر صراحة أن غياب الإخوان عنصر مؤثر في عدم وجود فعاليات، ورغم العداء بين حزبه وجماعة الإخوان، يرى أن الإخوان طوال العقود الماضية كانوا يتبنون قضية غزة ويدعمونها بكل السبل فكانوا ينشطون في الشارع والأحزاب والنقابات أيضا، سببب آخر لغياب الفعاليات من وجهة نظره هو القبضة الأمنية الشديدة وإن كان يرى أن القبضة الأمنية في عصر حسني مبارك كانت أقوى، لكنه يلفت النظر إلى أن المساعدات الشعبية والرسمية المتوجهة إلى غزة، كانت هذه المرة أكبر من الأزمات السابقة.كما يعتبر أن مصر الرسمية نجحت في إفشال مخطط نتنياهو بتهجير سكان غزة وما كان سيسفر عنه هذا التهجير بتصفية القضية.
بشأن الدور المصري الرسمي لا يرى هيثم أنه أقل من المطلوب، يرى أن وجود مصر كوسيط في المفاوضات مكسب للقضية.
تدهور العلاقات
يعتبر هيثم أن عدم اتخاذ مصر لموقف تصعيدي كسحب السفير المصري على غرار ما فعلته تركيا بوقف العلاقات التجارية مع الكيان يقول إنه في السياسة لا تتشابه المواقف نتيجة لاختلاف الجغرافيا واختلاف الأدوار، تركيا لديها علاقات عسكرية وتجارية مع إسرائيل ولعبت بأحد الأوراق التي لديها، مصر لديها أدوات أخرى تمارس بها أدوارا، أحد هذه الأدوات تمدد الجيش المصري في سيناء «رغم أن اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل تحد تماما من وجود الجيش المصري في سيناء»، مصر تقريبا قامت بإلغاء المناطق « أ،ب،ج،د» التي تحدد أ
أعداد المجندين المصريين المنتشرين في كل قطاع من سيناء ونوعية تسليحهم، مصر انتشرت بكامل سلاحها في سيناء رغما عن شروط الاتفاقية ورغما عن إسرائيل، يضيف أن استعراضات الجيش المصري خلال الأسابيع الأخيرة كانت تحمل رسائل مبطنة كالتدريب على تدمير الدبابة «ميركافا»، حفل تخرج طلاب القوات الجوية والتدريب على ملاحقة الطائرات «إف 35» التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، كل هذه رسائل للكيان، واستعراض القوة والردع.
يلفت هيثم النظر لتقارير إعلامية إسرائيلية هذا الأسبوع تتحدث عن تدهور حاد في العلاقات المصرية الإسرائيلية وقول صحيفة معاريف منتصف أكتوبر/ تشرين الجاري إن الاتصالات السياسية وصلت بين البلدين لحالة انحسار متدن، كما انخفضت العلاقات الدبلوماسية، وكذلك العلاقات التجارية بعد مرور عام على اندلاع الحرب في قطاع غزة، مؤكدة أن القاهرة وتل أبيب تعيشان أزمة مع احتمالات تفاقمها في أي لحظة.
يشير تقرير معاريف أيضا إلى انتهاء مدة تولي السفير المصري خالد عزمي لمنصبه، وعدم قيام مصر بإرسال سفير آخر حتي الآن، بما يؤكد تدهور العلاقات.
يضيف أن رسائل مصر الأخيرة عبر الخارجية وعبر مباحثات وزير الخارجية المصري مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن حملت شكلا من أشكال التصعيد ورفض للإجراءات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا تحديدا لكنه تصعيد محسوب يحرص على أن تبقى مصر في مساحة الوساطة وبالتالي الضمانة لعدم تصفية القضية.
يد مغلولة
يقول هاني الأعصر الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية والمدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات بالقاهرة إن الدور المصري في الأزمة يمكن اعتباره «مقبول»، ، وفقا لقدرات مصر وإمكانياتها وثقلها الإقليمي.
حول مسألة عدم تدخل مصر بشكل أقوى لإيقاف المجازر شبه اليومية في غزة، يقول إن الوزن النسبي لمصر لم يعد بالثقل الكافي أو المطلوب، مصر تعاني من ضغوط اقتصادية وأزمة اقتصادية طاحنة ومستمرة وبالتالي مصر مدركة جيدا أن إسرائيل والغرب قادرون على استغلال هذه الأزمة والضغط عليها إذا حاولت اتخاذ مواقف أكثر راديكالية أو أكثر انحيازا تجاه غزة .
السبب الثاني لعدم اتخاذ مصر مواقف أكثر حزما في نظر الأعصر هو أن اتخاذ مصر لمواقف جذرية قد يضر ولا يفيد، لا يفيد لأن إسرائيل وبوضوح لديها أهداف استراتيجية تسعى لتحقيقها بغض النظر عن رأي كافة الأطراف الإقليمية والدولية ، مثلا حينما اعترضت الولايات المتحدة على بعض الأمور التي تفعلها إسرائيل، أكمل نتنياهو ما يفعله وما يخطط له دون الالتفات نهائيا للمطالب الأميركية، وبالتالي إذا كان نتنياهو وحكومته لا يضعوا اعتبارا للأمريكان فلن يضعوا اعتبارا لأي طرف آخر، بمعنى لو قررت مصر التصعيد، فإن إسرائيل ببساطة قد ترد «بطريقتها» وهذا ليس في مصلحة مصر بسبب الديون والأزمات الاقتصادية التي تحاصر مصر .
يضيف أن اتخاذ إجراءات من نوع سحب السفير المصري من عاصمة الكيان الصهويني واتخاذ إجراءات أكثر صرامة وأكثر انحيازا ، هذا سيجعل مصر تخسر دورها كوسيط وبالتالي تخسر دور مهم ومطلوب لها وللفلسطينيين وستدخل قوى أخرى إقليمية تملأ فراغك وتلعب دور الوساطة بدلا منك.
عن فرحة المصريين بصواريخ إيران تجاه إسرائيل، يرى الأعصر أن جزء منها يعود لحنين المصريين لأيام ان كانوا طرفا مباشرا في الصراع مع إسرائيل، حنينهم لزمن كانوا يحاربونها بأنفسهم حين كانت مصر تقود مقاومة المشروع الصهيوني ، اليوم مصر ليست في محور المقاومة وبالتالي لقي الهجوم الإيراني هوى في نفوس المصريين.
يضيف الأعصر أن سبب آخر للفرحة أن المصريين ما زالوا رغم كل هذه السنوات منذ معاهدة السلام يحملون مشاعر العداء لإسرائيل، وبالتالي يؤيدون أي طرف يقاوم إسرائيل أو يحمل ضدها السلاح.
وحول الدور المصري في لبنان بعد أن اتسع الصراع، يرى الأعصر أنه ليس بحجم دورها في أزمة غزة، يشير إلى أنه حتى وقت قريب معين، كانت مصر تلعب دورا ونجحت في تهدئة الجانب الإيراني من التصعيد مع إسرائيل بعد اغتيال إسماعيل هنية والالتزام بضبط النفس، لكن إسرائيل هي التي تعاملت بشكل «خسيس» مع هذه التهدئة وخدعت مصر وإيران وقامت باغتيال حسن نصر الله، مما أجبر إيران على تجاهل الاتفاقات «غير المعلنة» بعدم التصعيد.
يقول هاني أنه فيما يتعلق بالمطالب المصرية في محور فيلادلفيا ومعبر رفح الحدوديين مع غزة فإن المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي معطلة، إسرائيل لديها مطالب في هذه النقاط الحدودية ومصر لديها مطالب، ولم يتمكن طرف من فرض مطالبه فتوقفت المفاوضات، مصر لم تقدم تنازل وإسرائيل لا تريد التنازل عن مطالبها فوصلت الأمور إلى طريق مغلق أو «حارة سد»، مصر وضعت خط أحمر لأمنها القومي، والطرف الإسرائيلي له متطلبات، في النهاية لا نستطيع أن نتحدث عن رضوخ من جانب مصر للطرف الإسرائيلي، بالعكس هو موقف جيدا فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا ومعبر رفح.
تجاوز المذهبية
من جهته يعتبر عمرو بدر عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين ومقرر لجنة الحريات بها أن سبب الاحتفاء بصواريخ إيران هو الغياب العربي الكامل لمدة سنة عن مشهد الإبادة الجماعية والقتل، وبالتالي كانت الشعوب مؤيدة لأي طرف يلقي قنبلة أو صاروخا على إسرائيل.
يضيف عمرو أن كثير من الشعوب والجماهير تجاوزت التصنيف العقائدي «سنة وشيعة وما شابه» فيما يتعلق بقضية فلسطين، لم يلتفتوا لنظريات أو أطروحات تتعلق بمشروع سني في مواجهة مشروع شيعي، ومحاولات الترويج لفكرة أن إيران دولة شيعية ولا يجب أن نتضامن معها لم تلق أذانا صاغية في مصر، ولو كررت إيران ضرباتها سيتزايد الترحيب والتشجيع بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان.
يلقي عمرو باللوم على إغلاق المجال العام في مسألة غياب الفعاليات المناصرة لغزة، النظام السياسي لا يسمح بأي تحركات، يقول «كما رأينا حين حاول بعض الشباب القيام بوقفات رمزية تضم فقط عشرات المتظاهرين أو أقل ، كانت تتم ملاحقتهم أمنيا وتحويلهم للنيابة». يأسف عمرو لأنه من وجهة نظره لأول مرة في تاريخ مصر تكون هناك أزمة كبيرة في فلسطين والشعب المصري غائب بهذا الشكل، معربا عن أمنيته أن يدرك أي مسؤول داخل النظام المصري بمخاطر هذا الإغلاق الشديد للمجال العام ويتم فتح هذا المجال ولو جزئيا.
السياسي المصري والمرشح الرئاسي المصري السابق خالد على يختلف مع الآراء التي تقلل من أهمية أو تأثير الدور المصري، يقول لدرج إن الشعب المصري على مدار عام منذ بدء العدوان على غزة قام بفعاليات كثيرة، فلأول مرة منذ مظاهرات الاحتجاج على تسليم جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية قبل 6 سنوات تكون هناك احتجاجات بهذه الكثافة، ولم تنجح أي تظاهرة للوصول لميدان التحرير منذ عام 2014 ، لكن في أكتوبر ونوفمبر من العام الماضي تمكن متظاهرون من اقتحام ميدان التحرير رغما عن الأمن، وفعاليات أخرى شهدتها نقابة الصحفيين ونقابة المحامين، وقبل أسبوع كان هناك مظاهرة صغيرة أمام كوبري قصر النيل الشهير بالقاهرة، فالاحتجاجات موجودة، ولكن للأسف يتم التعامل معها بقبضة أمنية شديدة، يتم إلقاء القبض على المتظاهرين ويمضون مددا طويلة في السجون، هناك أكثر من 50 شاب وفتاة محبوسون احتياطا منذ عام، وهذا بخلاف آخرين كثر محبوسون بسبب نشر تغريدات أو كتابات على الفيس بوك عن غزة منذ قرابة عام، وهؤلاء عددهم كبير أيضا، إذن الفعاليات موجودة لكن تكلفتها باهظة على الفاعلين، ولكن لا توجد تغطية لهذه الأنشطة والفعاليات ولا مصائر من قاموا بها في الإعلام المصري.
بشأن الدوري المصري الرسمي في أزمة غزة، ومدى تأثيره، يعتبر المرشح الرئاسي السابق أن هناك«مستويين» من الأدوار، مستوى يرتبط بالدور العلني، ومستوى يرتبط بالدورغير العلني، ويرى أن الدور غير العلني هو الأهم والأكبر ولكننا لا نستطيع تقييمه لأنه يتم بين الجانب المصري والفلسطيني بالتعاون مع بعض القوى الإقليمية سرا، فالدور المصري طوال حصار غزة كان يحاول دبلوماسيا أن يلعب دورا إيجابيا ويلعب دور في التفاوض وإنسانيا مصر حاولت بأكثر من طريقة لفتح معبر رفح وتم استخدام المطارات المصرية والطيران المصري لإلقاء بعض المعونات لكن في النهاية ليس هذا هو الدور الذي نطمح إليه، ويرى أن الدور المصري منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي ومع إغلاق معبر رفح بعد أن سيطرت إسرائيل على الجانب الفلسطيني منه بات دورا ثانويا، الدور كان أكثر فاعلية خلال الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى مايو/ آيار 2024 .
حول التواجد الإسرائيلي بمحور فيلادلفيا لا يرى المرشح الرئاسي السابق أن إسرائيل تستخف بالجانب المصري إطلاقا، وهي تعلم أن الجيش المصري جزء من رمانة الميزان بالشرق الأوسط ، والدخول في مواجهات مع الجيش المصري سيكون مسألة مريرة للطرفين، وأظن ان هناك تفاهمات غير معلنة بشأن هذا المحور وربما وصلت إلى صيغة مؤقتة لحين انتهاء الوضع في غزة وفي لبنان، وكانت هناك محاولات على ما يبدو كما فهمنا من تصريحات وزير الخارجية الأميركي ونظيره المصري أن يظل الوضع كما هو عليه لكن مصر رفضت هذا الأمر وتصر على عودة محور فيلادلفيا كمحور فاصل بين الجانبين المصري والفلسطيني دون تواجد إسرائيلي، وإذا كانت مصر ستقبل بهذا الوضع مؤقتا بسبب الأزمة الحالية فإن هذا الوضع لا يجب أن يستمر بعد انتهاء أزمة غزة ومصر مصرة على عودة محور فيدلفيا لصيغته الأصلية.
تعنت نتنياهو
الدكتور أحمد فاروق مستشار المركز الوطني لشؤون الأمن الإقليمي يرى أن الدور المصري الرسمي تركز في مسألتين أو محورين، المحور الأول هو الوساطة بهدف وقف إطلاق النار تمهيدا للتسوية، والمحور الثاني هو المساعدات وتسهيل استقبالها ودخولها من دول العالم، وتكثيف كمياتها من دولة مصر والمؤسسات المصرية.
يعتبر فاروق أن الوساطة حقق نجاحات مرحلية في البداية بالوقف المؤقت لإطلاق النار وتبادل الاسري نتيجة جهود مصر وقطر، لكن المرحلة الثانية شهدت تعثر جهود الوساطة ليس بسبب أي تقصير من الجانب المصري ولكن بسبب تعنت الجانب الاسرائيلي ورفضه لكل ما يتم التوافق حوله.
يضيف أن هناك مساع لاستئناف المفاوضات ولكن اتساع الصراع بفتح جبهة لبنان وإيران أعاق تفعيل جهود الوساطة حاليا.
يعتبر الخبير بشؤون الأمن الإقليمي أن هناك فترات كانت تشهد زخما مصريا في جهود الوساطة وكان المسؤولين من جهاز المخابرات المركزية الأميركية بقيادة رئيس الجهاز ورؤساء الموساد والشاباك يتوافدون على القاهرة، مصر ضغطت بما تستطيع، لكن لا تنسى ان الجانب الأميركي نفسه غير قادر على إثناء نتنياهو عن مخططاته، هو لا يلتفت لواشنطن حليفته نفسها فكيف سيلتفت لسواها؟
يرى الدكتور فاروق أن القضية الفلسطينية لن تصفي، وأن المقاومة ستستمر طالما لم يتم التوصل لتسوية سياسية، فطالما هناك احتلال ستكون هناك مقاومة، مضيفا أن إسرائيل لن تستطيع الحسم عسكريا ولن تصل لحل إلا بتسوية سياسية تعتمد حل الدولتين، كما أن المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة لن تجبر حماس على الاستسلام لأن معني الاستسلام هو انتهاء فكرة حماس ومشروعها نهائيا.
ويؤكد أن مصر لن تقف عقبة في سبيل أي تسوية بمعنى أنها لن تتعنت في سبيل تخفيف الازمة لغزة ، إذا كان الخلاف بين إسرائيل ومصر حول السيطرة على معبر رفح أو محور فيلادلفيا عقبة في سبيل التوصل لاتفاق بين المقاومة وإسرائيل فمصر قد تقبل بحلول وسط في سبيل تمرير اتفاق ينهي أزمة غزة.
ويرى أن الجمود سيستمر حتى الانتخابات الأميركية المقررة الشهر القادم، مشيرا إلى أنه بعد الانتخابات سنشهد حلحلة الملفات، معتبرا أن الإدارة الأميركية الحالية من أضعف الإدارات في تاريخ أميركا، وازدادات ضعفا خلال المرحلة الأخيرة، وبعد الانتخابات قد نشهد بعض التحولات في الموقف الأميركي، لكن إذا جاءت الانتخابات بدونالد ترمب مجددا فقد نشهد تغييرات حادة لمصلحة إسرائيل.
يختتم بالقول إننا ف مرحلة خطيرة قد تشهد تدحرج الأمور إلى حرب بين إسرائيل وإيران، فالضربة الإسرائيلية القادمة لإيران قد تستهدف تل أبيب خلالها منشآت عسكرية إيرانية في طهران، هذه الضربة وحسب حجمها قد تفرض بدورها ردا إيرانيا آخر وتنفلت الأمور بينهما رغم حرص المجتمع الدولي على لجم الأمور وعدم الوصول لحرب بين الدولتين.
الشعب المصري عامل أيه
في إحدى المظاهرات التي خرجت في العاصمة الأردنية عمان تضامنا مع غزة، يهتف من يقود المظاهرة وخلفه بقية المتظاهرين: الشعب المصري عامل أيه ! ومعبر رفح مسكر «مغلق» ليه؟
والحقيقة أنه بعد أكثر من 45 عاما من اتفاقيات السلام بين مصر والكيان الصهيوني، لا يبدو الشعب المصري المكبل والمنهك بالأزمات المتلاحقة بخير، وبدا أن سنوات الحرب كانت أفضل وأكرم من سنوات السلام، أما معبر رفح فمغلق لأن ظروف العاصمة المصرية جعلتها أضعف كثيرا من فتحه سواء بالسياسة أو بالقوة.