وقف المصريون بكل قوة خلال السنوات العشر الأخيرة خلف جهاز الشرطة ووزارة الداخلية لاستعادة الأمن المفقود قبيل تلك الفترة، عرف المصريين قيمة جهاز الشرطة وقيمة تواجدهم وقوة أدائهم لحفظ الأمن والوقوف ضد كل ما يروع المواطن ويفقده نعمة الأمن التي تتمتع بها مصر عبر الزمان وذكرها الله في كتابه الشريف “أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين”.
خلال تلك الفترة اجتمع دعم الدولة وعلى رأسها رئيس الجمهورية مع الدعم الشعبي لوزارة الداخلية ورجالها في كل مكان حتى عاد الأمن واستقرت الأوضاع سواء على مستوى معدل الجريمة والشق الجنائي أو على مستوى مواجهة الأرهاب الذي نجحت جهود وزارة الداخلية في محاصرته والقضاء عليه سواء في سيناء بالمشاركة مع قواتنا المسلحة، أو في شتى ربوع المحروسة.
خلال تلك الفترة تجنب الجميع توجيه أية انتقادات لأية تجاوزات تحدث من رجال الشرطة لدعمهم لاستعادة الأمن وباعتبارها حالات فردية ترصدها وتتعامل معها داخليا قيادات الوزارة، إلا أن استمرار غض الطرف عن بعض التجاوزات أدى لزيادتها والتوسع فيها دون حساب أو مراجعة بسبب عدم الحديث عنها أو رصدها في تلك الفترة خوفا من الاتهامات الجاهزة بالتربص بالوطن وبمؤسساته، إلا أنه من الواجب حماية لجهاز الشرطة نفسه الحديث عن بعض التجاوزات التي قد تشوه جهود الجهاز الكبيرة لحفظ الامن وأيضا ليدرك بعض أصحاب الحالات الفردية من رجال الشرطة خاصة في وحدات المباحث الأكثر تعاملا واحتكاكا بالمواطنين أن هناك حدود وخطوط حمراء لابد من الوقوف عندها خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على كرامة المواطن وحقوقه القانونية، ووضع حد للتوسع في الضغوط التي تمارس سواء للقبض على مطلوبين أو استخلاص اعترافات من الخارجين عن القانون.
أبدأ في هذا المقال بإلقاء الضوء على مخالفة ترتكب بشكل دوري خاصة في محافظات الصعيد، وعايشت العديد منها في وحدات مباحث مراكز شرطة أسيوط، ألا وهي احتجاز السيدات كرهائن للضغط على بعض الخارجين على القانون لتسليم أنفسهم، وهنا أقدم اعتذاراً علنيا على صمتي على تكرر مثل هذه الحالات والتي شاركني فيه المجتمع الصعيدي بنوابه بمحاميه بكل الشخصيات العامة به، ظنا منا أن بعض الجرائم وبعض الوقائع الكبيرة كالقتل والخصومات الثأرية لابد من إفساح المجال فيها لرجال الشرطة للضغط بكل السبل لوقف مثل تلك الجرائم، إلا أن توسع استخدام هذه الوسيلة لتصبح الطريق السهل للقبض على أي مطلوب سواء في مشاجرة عادية بلا إصابات أو متهم في أي جناية حتى قبل التأكد من صحة ذلك الاتهام عبر إجراءات التحقيق الطبيعية أمر لا يمكن استمرار الصمت عليه.
بكل أسف أتحدث متأخرا بسبب التوسع في استخدام النساء كوسيلة ضغط وكأنهن رهائن يطلق سراحها في حال تسليم المتهم لنفسه، ومن هذا المنبر أطالب اللواء محمود توفيق وزير الداخلية بالتوجيه الفوري لوقف مثل هذا الإجراء غير المقبول، فنساء الصعيد ليست رهائن مهما كان وضعهن الاجتماعي أو المادي أو التعليمي.
ومن هنا أيضا أدعو كل المنظمات الحقوقية وأولها المجلس القومي للمرأة ونواب الصعيد وأبنائه في كل المواقع لإطلاق حملة لمنع هذا الإجراء المخزي، وأدعوا أبناء ورجال وشباب الصعيد للكتابة عن هذا التجاوز وذكر وقائع مماثلة حدثت وتوجيه رسائل ومناشدات للسيد وزير الداخلية لوقف هذا الإجراء ومحاسبة من يقوم به حتى لا يتكرر.
ونحن هنا عندما نطالب بوقف هذا الأمر نناشد ضباط المباحث في كل مراكز الصعيد أن يبحثوا عن طرق أخرى لتنفيذ القانون وضبط المطلوبين عن طريق مزيد من الجهد والتتبع والتحريات الدقيقة التي تصل بهم لا محالة للقبض على أي مطلوب في وقت قياسي.
وأخيرا لابد أن نذكر ونشكر كل جهود ضباط المباحث في كل مراكز الشرطة بالصعيد وما يبذلوه لحفظ الأمن واستقرار الحالة الأمنية، فقط نطالب ببعض الضوابط ونبذ بعض التجاوزات.