تبدو تجربة “القاهرة 24″ فريدة فيما حققته من شهرة وانتشار في فترة زمنية قصيرة نسبيًا، لذلك قررنا في “الحرية” أن يكون حوارنا الثاني في سلسلة حوارات رؤساء التحرير والإعلاميين مع الزميل محمود المملوك، رئيس تحرير القاهرة 24، وأحد أبناء جيل الوسط في الصحافة المصرية، الحوار لم يتوقف عند تفاصيل نجاح تجربته المهنية، ولكن بالتأكيد تعداها إلى ملفات ساخنة تنقلت بين الصحافة والسياسة وغيرهما:
الحكومة الحالية فشلت اقتصاديًا.. وتغييرها بات مطلوبًا.
كل المرشحين الموجودين على الساحة الآن غير جديرين بمنصب رئاسة الجمهورية.
لا يجوز حبس أي شخص يعبر عن رأيه.. وأطالب الرئيس بغلق هذا الملف.
البرلمان الحالي لم يحقق طموحات الشعب المصري.. لكنه أفضل من السابق.
التعامل مع أزمة سد النهضة كان من الممكن أن يكون أفضل بكثير.
إعلان مرشح منافس دعمه للرئيس السيسي أمر لا يليق بالدولة المصرية.
لا يوجد أي شخص يستطيع إدارة الحوار الوطني مثل ضياء رشوان.
دخول صحفيي المواقع الإلكترونية إلى النقابة أصبح أمرًا ضرورويًا.
الصحف الورقية انتهت.. ولا يوجد خبر ممكن “نخبيه” 24 ساعة.
الحركة المدنية لديها رغبة حقيقية في التغيير إلى الأفضل.
المصالحة مع الإخوان أمر مرفوض.. والشعب المصري لن يقبل ذلك.
تخرجت في كلية “السياسة والاقتصاد “.. ودخلت إلى العمل الصحفي صدفة.
تركت “اليوم السابع” لأسباب شخصية فُسرت على أنها “سياسية“.
فترة ما قبل 25 يناير هي الأفضل صحافيًا بالنسبة لي.
نجاحنا لم يأتي صدفة.. و2020 كانت سنة فارقة بالنسبة لتجربتنا.
القيود الموضوعة على القاهرة 24 مثل غيرها.. وزادت بشكل كبير بعد انتشارنا.
ما وصلت إليه أكبر من حلمي.. ونعمل على إنشاء نسخ للموقع بعدد من الدول العربية.
أجرى الحوار– عصام الشريف وسيف رجب
أعده للنشر– مصطفى محمود وميرنا فؤاد
تصوير– محمد حيدر
حدثنا عن بداية عملك في الصحافة؟
بدايتي في العمل الصحفي كانت صدفة، حيث إنني كنت أدرس في كلية السياسة والاقتصاد، وكنت أهتم بالشأن العام والسياسة بشكل كبير، ورأيت إعلان عمل لأحد الجرائد الصغيرة أثناء دراستي بالجامعة فذهبت إلى العمل هناك كنوع من التجربة، وبعد تخرجي رشحتني الكلية إلى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وقمت بالعمل هناك كمساعد باحث بالمركز لمدة 4 أشهر، ولكني لم أجد شغفي في هذه المهنة.
وفي هذا الوقت كان الكاتب الصحفي خالد صلاح، يقوم بتأسيس جريدة اليوم السابع، وكنت أريد أن العودة للعمل الصحفي مرة أخرى، فقمت أنا وأحد أصدقائي بالتواصل معه حتى نعرف إذا كان هناك فرصة عمل متوفرة أم لا، وبالفعل رحب بنا وتركت عملي في الأهرام لكي أعود إلى الصحافة مرة أخرى.
وقمت بالعمل في اليوم السابع من 2007 وحتى 2016 وعندما تركت الجريدة كنت أتولى منصب رئيس التحرير التنفيذي، وأسباب تركي لها كانت شخصية ولكن تم تفسيرها باعتبارها أسباب سياسية، وما حدث كان خلافًا في السياسة التحريرية ووجهات النظر.
وبعدما تركت اليوم السابع، قمت بالعمل في البرامج التليفزيونية، وبالرغم من أن العمل كان مجزيًا ماديًا إلا أنني لم أجد نفسي فيه، وكنت أريد العودة إلى الكتابة مرة أخرى وخاصة أنني كنت رئيس تحرير، ولدي مصادري الخاصة.
وفي شهر رمضان عام 2017 قمت بالسفر لأداء العمرة، ودعوت الله أن يهديني إلى الطريق الصواب، وعندما عدت من السفر قررت ترك البرامج التليفزيونية، لكي أعود إلى مهنتي الأساسية مرة أخرى، وبدأت ترتيبات فتح موقع القاهرة 24، ولم يتيسر لي في ذلك الوقت شراء أو تأجير مقر للموقع فقمت بالبدء في مكتب أحد أصدقائي، وكنا في بداية العمل بالموقع ثلاثة أصدقاء فقط، وكان لدينا عدد من الأصدقاء الذين يعملون في صحف أخرى يقومون بإرسال بعض الأخبار كنوع من المجاملة.
وبعد مرور 3 أشهر تقريبًا على بداية عمل الموقع تم حجبه، ثم عاد مرة أخرى، واستمرينا في العمل حتى يوم حادثة الواحات في 2018، وقمنا في ذلك اليوم بعمل قصة مختلفة تمامًا عن ما قامت به كل الصحف التي كتبت عن الحادثة، حيث إننا تحدثنا عن أحد الأشخاص المدنية والذي كان دليلًا لقوات الأمن في هذه الحادثة وتوفى، ولم يكن أحد يعرف عنه أي شيئ، ولقى هذا الموضوع إشادة كبيرة من الناس، حيث رأى الجميع أننا قمنا بعمل قصة مختلفة.
وفي اليوم التالي داهم عدد كبير من رجال الأمن مكتب صديقي الذي كنا نعمل به، ولم أكن أتوقع أنهم متواجدون داخل المقر من أجلي، ولكني فوجئت بأنه أمر ضبط وإحضار لي، وكان الموقع لم يرخص وقتها، وخرجت بكفالة مالية.
وبعد خروجي قررت أن أتوقف عن العمل لفترة حيث إن الأمر أصبح يهدد حياتي، وظللت لمدة 6 أشهر بدون عمل أو دخل، وكانت فترة مأساوية بالنسبة لي خاصة في ظل وجود التزامات كبيرة تقع على عاتقي، وكنت أخرج من منزلي يوميًا الساعة 12 ظهرًا وأجلس على القهوة إلى 12 مساء، ثم أعود إلى منزلي سيرًا على الأقدام حتى يظهر على ملامحي الإرهاق ويشعر أبنائي أنني قادم من العمل.
وظل الوضع كما هو عليه لمدة 6 أشهر، وتم السماح لي بالعودة إلى العمل ولكن في نطاق محدد، ولكنني قررت في هذه اللحظة أن أعود بشكل أكثر احترافية من خلال تأسيس شركة وترخيص الموقع وعمل سجل تجاري، وبعدها قمنا بتأجير مقر صغير للعمل، وبدأنا في تطوير وتحديث الموقع خطوة تلو الأخرى.
وظللنا نعمل على هذا النهج حتى عام 2020 والذي يعتبر فتحة خير علينا بشكل كبير جدًا، حيث إننا في بداية العام حصلنا على جائزة أفضل موقع إخباري صحفي من نقابة الصحفيين، وفي نصف العام وبعدها أطلقنا مبادرة للذكاء الاصطناعي، والتي تعتبر أول مبادرة لإنتاج الأخبار دون أي تدخل بشري، وحصلنا على منحة جوجل للصحافة المحلية، وفي ذلك الوقت لم يكن الحديث عن الذكاء الاصطناعي كما هو الآن.
وفي هذا العام أيضًا شاركني وليد مصطفى، رئيس مجلس إدارة اليوم السابع الأسبق، وكانت هذه اللحظة فارقة بالنسبي لي، حيث إنه كان رئيس مجلس إدارة أحد الصحف التي عملت بها وأنا في بداية عملي الصحفي، لذلك كان ذلك الأمر يمثل نقطة نجاح كبيرة في حياتي.
ونحن في القاهرة 24 كنا أول من بدأ فكرة “اللايف” من خلال منصة “كايرو لايف“، حيث إن جميع الصحف كانت تعمل على نظام التلفيزيون، من خلال وجود مذيع داخل استديو، وكانت المشكلة الموجودة في ذلك الوقت هو عدم وجود أي آلية تنقل ما يحدث داخل الشارع بشكل مباشر إلى المشاهدين، لذلك قررنا إرسال كاميرات إلى أماكن الوقائع لنقل ما يحدث إلى الجماهير عن طريق البث المباشر.
وتحول نظام كل الصحف بعد ذلك من التليفزيون إلى “اللايف“، إلا أن هناك بعض المواقع حولت الأمر إلى شكل غير لائق، ونحن بعد شهرين سنستكمل 5 أعوام في تجربة القاهرة 24، وهي تجربة على الرغم أن مدة تواجدها على الساحة الصحفية يبدو صغيرًا، ألا أننا بذلنا فيهم مجهودًا وطاقة كبيرة للغاية.
ما هي أفضل فترة صحفية عاصرتها من وجهة نظرك؟
فترة ما قبل ثورة 25 يناير وبعدها هما أفضل فترات الصحافة التي عاصرتها، ولكنهم يختلفوا عن بعض تمامًا، حيث إن قبل الثورة كان هناك حالة من الحرية الكبيرة والوعي، وبعد الثورة كنا نعيش وسط سقف أعلى من الحرية ولكن كان هناك حالة كبيرة من الفوضى وعدم المهنية، إلا أنه بعد ذلك بدأت عملية تقنين وترتيب الأمور مرة أخرى، وعادت الضوابط والمعايير كما كانت قبل ذلك.
هل كان هناك لحظة فارقة أدت إلى نجاح موقع القاهرة 24 من وجهة نظرك؟
النجاح تراكم، ولا يوجد أي شخص قادر عن النجاح دون اجتهاد وتعب، ونحن كنا نعمل باجتهاد ونحاول ابتكار أفكار جديدة في كل الأقسام والملفات المختلفة، حتى بدأنا في الظهور على الساحة الصحفية والإعلامية، ولكن عام 2020 كانت سنة فارقة معانا وحققنا بها نجاحات كبيرة.
هل نسبة القيود الموضوعة على موقع القاهرة 24 تغيرت بعد شهرته؟
بالتاكيد، حيث إنه في البداية لم نكن معروفين، ولذلك لم يكن هناك سقف محدد لنا، وكنا نستغل هذه الفرصة بشكل كبير، ولكن بعد زيادة شهرة الموقع أصبح هناك قيود موضوعة، لإن أي خبر ينشر يقرأه ويتابعه أعداد كبيرة من الناس.
هل ترى أنك حققت الحلم الذي كنت تسعى إليه؟
بكل صراحة لم أكن أحلم أن أكون صحفيًا، ولكني حققت أكثر مما كنت أحلم به بكثير، وأتذكر عندما كنت أقوم بالإتفاق على استئجار أول مقر للموقع، وكنت أتحدث مع صاحب المقر حول مدة التأجير والتي كانت تتراوح بين سنتين إلى ثلاثة، دار في هذه اللحظة بداخلي سؤال واحد وهو هل من الممكن أن نستمر في العمل عامين متواصلين دون حدوث أي مشكلة تمنعنا من الاستمرار.
وكان أحد أصدقائي لديه إصرار كبير بإننا سنصبح أكبر موقع في مصر، وكان دائمًا يردد ذلك مع كل الصحفيين المتواجدين في صالة التحرير، وعندما وصلنا إلى درجة كبيرة من النجاح أصبح لدينا حلم وطموح أكبر من ذلك، والآن نخطط لمشروع إقامة نسخ للموقع بعدد من الدول العربية.
ما رأيك في شكل الحوار الوطني حتى الآن.. وهل سينتج عنه مخرجات حقيقية؟
أي حوار مهما كان سيحقق فائدة، وحتى لو كان ذلك الحوار بين شخصين فقط، فما بالك أنهم مختلفون في الآراء ووجهات النظر، لذلك فإن الحوار يعتبر قيمة مضافة للدولة المصرية حتى لو لم نخرج منه بأي إفادة.
وبسبب الحوار الوطني حدثت فوائد كثيرة عدد مثل استجابة الرئيس لمجلس أمناء الحوار في الإفراج عن باتريك زكي ومحمد الباقر، وإقرار الرئيس للإشراف القضائي على الانتخابات، وغيرها من المكاسب التي لولا الحوار ما كانت حدثت بإي شكل من الأشكال.
لذلك فإن كل من كانوا ينادون بعدم المشاركة في الحوار الوطني مخطئين من وجهة نظري، حيث إنه يجب المشاركة والمحاولة بأي بشكل من الأشكال لإيجاد حلول بعيدًا عن الآراء السلبية.
ما تقييمك لإدارة ضياء رشوان للحوار حتى الآن ؟
ما يقوم به الدكتور ضياء رشوان حتى الآن هو أعظم أداء في التاريخ، حيث إنه لا يوجد أي شخص قادر على إدارة ذلك السيرك السياسي مثله، كما أنه لا يوجد شخص عليه إجماع من كل الطوائف السياسية المختلفة مثله أيضًا.
كيف رأيت فوز خالد البلشي بمنصب نقيب الصحفيين؟
الحقيقة أنني رأيتها رسالة من الصحفيين، حيث إنهم أكدوا للجميع أنه ليس في كل الأوقات يتم الاعتماد على الخيارات المتعارف عليها، فمن الممكن أن يكون لأعضاء الجمعية العمومية رأي أخر في الاختيار، وأنا لم أكن أتوقع أن البلشي سيفوز بالانتخابات، ولكني كنت أعتقد أنه سيحقق أرقامًا جيدة.
ولكن البلشي يتعامل الآن كنقيب لكل الصحفيين، فهو يمثل اتجاه جماعي، ويسعى إلى التعامل مع الدولة وكل مؤسستها لخدمة الصحفيين بكافة الطرق الممكنة.
هل تطالب المجلس الحالي بتعديل قانون النقابة حتى يسمح بدخول صحفيي المواقع الإلكترونية للنقابة؟
بالتأكيد، فذلك رأي واضح وصريح ونحن طلبنا من جميع المرشحين أثناء عقد ندوات معهم بالانتخابات هذا الأمر، حيث إنه أصبح واجبًا، والواقع أصبح يفرضه بشكل كبير.
كيف ترى مستقبل الصحافة الورقية من وجهة نظرك؟
في ظل ما يحدث الآن من تطورات كبيرة في كافة المجالات أصبحت الصحافة الورقية في مرحلة الانهيار، ونحن الآن في القاهرة 24 الآن ندرس كيفية المنافسة مع السوشيال ميديا، حيث أن المصدر أصبح يقوم بنشر الخبر على صفحته الشخصية قبل أن يقوم بإرساله إلى الصحفي، وهذا ما جعلنا نفكر في استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لنقل الأخبار بشكل تلقائي، وحتى يعمل الصحفي على ما وراء الخبر بأريحية.
والصحف الورقية قطعًا ليس لها مستقبل داخل الدولة المصرية، وأكبر دليل على ذلك ما الخبر الذي تستطيع الآن أن نحتفظ به حتى نقوم بنشرة في العدد الجديد صباحًا.
ما تقييمك للحركة المدنية؟
الحركة المدنية بها عدد كبير من الزملاء الأعزاء، وأعلم أنهم لديهم نية حقيقية في التغيير إلى الأفضل، وأنا مع أي شخص يقوم بطرح مطالبة الشرعية بشكل صحيح وفي إطار القانون.
كيف ترى الحديث حول المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين؟
المصالحة مع الإخوان أمر غير مقبول، والشعب المصري سيرفض ذلك بشكل قطعي، ومن يطالب بذلك الأمر شخص فاقد للأهلية وللتاريخ، وحتى لو طرح ذلك الملف بشكل جدي سيلقى رفض من المجتمع بشكل كامل.
ما تقييمك لأداء البرلمان الحالي.. وهل المجلس السابق أفضل؟
أداء البرلمان الحالي حتى الآن غير مرضي لطموحات الشعب المصري، ويوجد داخل المجلس عدد من النماذج لا تليق بالمجلس، ومع ذلك فالبرلمان الحالي أفضل من السابق.
ما تقييمك لأداء الحكومة الحالية؟
الحكومة لم تعبر عن طموحات الشعب المصري، وفشلت اقتصاديًا، والجميع الآن يطالب برحيلها، حتى نجلب دماء جديدة إلى الدولة.
كيف رأيت دعم أحد مرشحين الرئاسة للرئيس السيسي؟
هذا عبث لا يليق بتاريخ الدولة المصرية والرئيس المصري.
هل الانتخابات الرئاسية في 2018 أرضت طموحك؟
لا، حيث إنه لم يكن هناك مرشحون يليقون بتاريخ مصر، وموسى مصطفى موسى لم يكن الشخص الأنسب لمنافسة الرئيس السيسي.
بعد ظهور عدد من المرشحين المحتملين على الساحة.. هل ترى أن أحدهم قادر على تولي منصب الرئاسة؟
لا، حتى الآن لا أرى أي شخص منهم قادر على تولي منصب رئاسة الجمهورية.
ما رأيك في تعامل الدولة المصرية مع أزمة سد النهضة حتى الآن؟
من الممكن أن يكون هناك إنجازات أكبر من ذلك، ولكننا محكومين ببعض الظروف الاقتصادية والسياسية، ونأمل أن يتم إتخاذ خطوات قوية في ذلك الملف خلال الفترة القادمة.
ما هي رؤيتك لملف سجناء الرأي ؟
لا يجوز حبس أي شخص يقوم بالتعبير عن رأيه، وأطالب الرئيس بالإفراج عن كل سجناء الرأي في أسرع وقت ممكن.
ما هي الرسالة التي تريد توجيهها إلى كل الشباب المصري؟
عندما يكون لديكم رغبة أو حلم في فعل أي شيئ حاولوا ولا تيأسوا بأي شكل من الأشكال، لأن الله يعطي النتائج على قدر السعي الذي قمت به، وحاول أن تكون الأفضل في أي مجال تريد الدخول فيه.