يعيش الشعب المصري حالة من غلاء الأسعار بسبب التضخم وتراجع القيمة الشرائية للجنيه، وشهدت الأسواق خلال الفترة السابقة ارتفاعًا كبيرًا ومتتاليًا في أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق؛ ما تسبب في زيادة تكاليف المعيشة في ظل ثبات الأجور أو ارتفاعها دون الحد المطلوب، والذي يكفي لتوفير حياة مستقرة للأسرة المصرية.
في هذا السياق قال الدكتور إلهامي الميرغني، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن المقصود من التضخم هو معدل ارتفاع الأسعار، في مقابل المتوفر من السلعة، ويتم قياسه علي مستوي شهري ومستوي سنوي، ويتم ذلك عن طريق قياس عينات من الأسواق تنتمي لمجموعات من السلع والخدمات المختلفة.
وأضاف «الميرغني» في تصريحات خاصة لـ«الحرية»: ” أعلن البنك المركزي اليوم أن التضخم في شهر يوليو يقارب 36.4٪، ومجموعة الطعام والشراب بالتحديد في شهر يونيو 2023، مقارنة بشهر يوليو 2022، زادت بنسبة 65٪، فإن زيادة الأجور 25٪ لن تستطيع تغطية هذه الزيادة، ويتم تطبيق ذلك علي جميع السلع والخدمات”.
وأوضح «الميرغني» أن السبب في هذه التضخم هو ضعف الإنتاج الزراعي والصناعي، والذي يجعل مصر معتمدة علي الخارج في سد احتياجاتها؛ إذ إن مصر أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم، وثالث أكبر دولة مستوردة للذرة في العالم، والتي أيضًا تستورد أكثر من 95٪ من احتياجاتها لزيت الطعام، وأكثر من 85٪ من احتياجاتنا للأدوية، فضلا عن اعتماد الزراعة والصناعة المصرية علي المواد الخام التي يتم استيرادها من الخارج.
وأكد «الميرغني» أن هناك أزمة في مصادر النقد الأجنبي لأنها مصادر ثابتة لا تكفي احتياجات مصر من الدولار، وأن هناك فجوة كبيرة بين الصادرات والواردات المصرية، فتظل مصر في حاجة للعملة الأجنبية، رغم أن مصر في الأساس دولة مدينة، وتحتاج مليارات الدولارات أقساط للديون، وهذا السبب في الضغط الكبير علي العملة الأجنبية”.
وتابع «الميرغني»: “مصر تحتاج إلى علاج أزمة التضخم، وهذا عن طريق تشجيع الزراعة والصناعة وتطويرها، ودعم المشروعات والمصانع المتوقفة والمتعسرة، ودعم المنتج المصري في الأسواق، وإعطائه الأولوية، وإعادة تنظيم السوق المصري بمواجهة الاحتكارات وتحديد هامش الربح”.
من جانبه قال الدكتور العزب عصام منصور، الخبير الاقتصادي، إن التضخم يعني الزيادة المستمرة في أسعار السلع والخدمات، ترتفع الأسعار كل يوم، ارتفاعًا مزمنًا، فلا تعود الأسعار كما كانت مرة أخرى”.
وأضاف «منصور» في تصريحات خاصة لـ«الحرية»: “هناك ثلاث نظريات لأسباب التصخم: زيادة الطلب علي سلعة مع قلة عرضها، وتكون بسبب زيادة في السكان أو الأشخاص القادمين من الخارج. وثانيها زيادة التكلفة بسبب الأزمات، مثال الحبوب التي كان يتم استيرادها من أوكرانيا وارتفع سعرها عندما بدأت الحرب الروسية الأوكرانية. والثالثة هي عرض النقود أو التوسع في طباعة النقود، وهذا يحدث عندما تحتاج الدولة إلي إنشاء مشاريع ولا يتوفر لها نقود فتطلب من البنك المركزي طباعة النقود أو الاقتراض من البنوك”.
وأوضح «منصور» أن أزمة التضخم بدأت في مصر عام 2016، عندما قامت الحكومة بأول عملية تعويم، وأن المشكلة في مصر هي الاستيراد أكثر من التصدير؛ ما يُحدث أزمة كبيرة في مشكلة العملة وتوفيرها، فتلجأ مصر لتخفيض قيمة عملتها، مضيفًا: “وزادت المشكلة بسبب زيادة سعر السلع عالميًا، نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، ثم ارتفع الطلب ما أدي تفاقم الأزمة”.