يحتفل النجم حميد الشاعري اليوم الجمعة الموافق 29 نوفمبر 2024 بعيد ميلاده الـ 63، متوجًا بذلك مسيرة فنية حافلة جعلته واحدًا من أبرز رموز الموسيقى في الوطن العربي.
ويتزامن هذا الاحتفال مع مرور 34 عامًا على انطلاق رحلته الموسيقية التي أحدثت نقلة نوعية في عالم الأغنية العربية، بفضل رؤيته الإبداعية وحسه الموسيقي المتميز.
أحدث الشاعري ثورة في مجال التوزيع الموسيقي، كما ساهم في تقديم جيل جديد من المطربين الذين اكتشفهم ودعمهم ليصبحوا نجومًا بفضل شغفه الكبير بالموسيقى وتجديده المستمر.
نشأة حميد الشاعري
ولد المطرب والملحن والموزع الموسيقي حميد الشاعري، المعروف بلقبه “الكابو”، في مدينة بنغازي الليبية عام 1961، ونشأ في عائلة كبيرة تتألف من 15 أخًا وأختًا، نتيجة لزواج والده بأربع سيدات، من بينهن والدته المصرية التي تنحدر من الإسكندرية.
ورغم الأجواء العائلية المزدحمة، كانت الموسيقى رفيقة حميد منذ الصغر، خاصة بعدما اكتشفت والدته موهبته وحرصت على تنميتها.
بداياته الفنية
وكان أول من لمس موهبة حميد هي والدته، التي أهدته آلتي الأورج والأكسيليفون ليبدأ بها مشواره الفني، لكن الحزن خيم على حياته بفقدانها وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره.
وبدأ الشاعري أولى خطواته في بنغازي بإحياء الحفلات كهواية، ثم انضم إلى فرقة الإذاعة الليبية كعازف أورج، بعدها أسس فريقًا موسيقيًا أطلق عليه اسم “أبناء أفريقيا”، إلا أن الفريق لم يستمر طويلًا.
استكمال الدراسة في بريطانيا
ورغم موهبة حميد الواضحة، لم يلقَ الدعم من والده الذي أصر على أن يكمل دراسته بمعهد الطيران، حيث أرسله إلى بريطانيا لمتابعة تعليمه، وهناك استمر في تطوير موهبته الموسيقية، مستأجرًا استوديوهات لتسجيل ألحانه وأغانيه.
الانتقال إلى مصر والبداية الحقيقية لحميد الشاعري
وبعد إنهاء دراسته، توجه حميد إلى مصر، حيث استقر في الإسكندرية بالقرب من عائلة والدته، جاء التحول الكبير في حياته عندما قام صديقه وحيد حمدي بإرسال تسجيلاته الموسيقية التي أعدها في لندن إلى شركات الإنتاج، وعلى الفور تحمس المنتج الموسيقي هاني ثابت لموهبته، ما أدى إلى إطلاق أول ألبوماته، “عيونها”، عام 1983.
ورغم فشل ألبومه الأول جماهيريًا، لم يتراجع الشاعري، ففي عام 1984، أصدر ألبومه الثاني “رحيل”، الذي ضم 11 أغنية، أبرزها “وين أيامك وين”، وحقق الألبوم نجاحًا هائلًا، وسجل بداية قوية للشاعري كمغنٍ وملحن بارز في مصر.
مسيرة حافلة بالأعمال والإبداع
وواصل حميد إصدار الألبومات التي تجاوزت 30 ألبومًا، شملت أعماله الشخصية وإعادة توزيع أغاني عمالقة الطرب مثل شادية وفريد الأطرش، كما ترك بصمته على الساحة الفنية بتلحين وتوزيع أغنيات لفنانين كبار، أبرزهم محمد منير.
مكتشف النجوم وصانع الأجيال
كان للشاعري دور بارز في اكتشاف ودعم جيل جديد من الفنانين، مثل عمرو دياب، إيهاب توفيق، مصطفى قمر، وهشام عباس، بفضل حسه الفني المتجدد، أصبح “الكابو” رمزًا للتجديد والإبداع في الموسيقى العربية، وما زالت رحلته مصدر إلهام لعشاق الفن والموسيقى.
وكان حميد الشاعري أول من أدخل التوزيع الموسيقي الحديث إلى الأغنية المصرية، مما أحدث تحولًا جذريًا في المشهد الموسيقي، وبفضل رؤيته المبتكرة، أصبح التوزيع الموسيقي عنصرًا أساسيًا في نجاح أي عمل فني، ما ساهم في تطوير الأغنية العربية بشكل كبير.
وكان لحميد الشاعري تأثير كبير على مسيرة عدد من أبرز نجوم الغناء في العالم العربي، وعلى رأسهم الفنان عمرو دياب، ففي حديثه عن بداية تعاونهما خلال أواخر الثمانينيات، قال دياب: “حميد الشاعري نقلني من مرحلة النجاح إلى مستوى آخر تمامًا، حيث أصبحت مشهورًا ومطلوبًا في كل مكان”.
لم يتوقف إسهام حميد عند تطوير نجوم موجودين، بل امتد إلى اكتشاف مواهب جديدة وإطلاقها نحو النجومية، من بين هؤلاء المطرب علي حميدة، الذي قدمه الشاعري في ألبوم “لولاكي”، وهو العمل الذي حقق نجاحًا استثنائيًا بمبيعات تجاوزت 6 ملايين نسخة، ليصبح من الألبومات الأكثر مبيعًا في تاريخ الأغنية العربية.
أما قصة اكتشافه للفنان مصطفى قمر، فقد جاءت بالصدفة البحتة، فقد كان قمر يغني على أحد شواطئ الإسكندرية عندما لفت صوته انتباه حميد، الذي طلب منه زيارته في منزله بالقاهرة، وكانت هذه الخطوة بداية انطلاق قمر ليصبح أحد أبرز نجوم الغناء في التسعينيات، بفضل دعم حميد ورؤيته الفنية المميزة.
إن حميد الشاعري لم يكن مجرد موزع موسيقي أو ملحن، بل صانع للنجوم، استطاع بأذنه الموسيقية وحسه الفني أن يغير حياة الكثير من الفنانين ويؤسس لمرحلة جديدة في صناعة الموسيقى العربية.
حميد الشاعري صانع النجوم عبر الأجيال
ولم تقتصر إبداعات حميد الشاعري على فترتي الثمانينيات والتسعينيات، بل استمر في تقديم الدعم واكتشاف المواهب الفنية عبر الأجيال، ففي تلك الحقبة، لعب دورًا محوريًا في مساندة العديد من المطربين الشباب آنذاك، مثل علاء عبد الخالق، حسام حسني، حسن عبد المجيد، وأمين سامي، وغيرهم.
لكن مسيرة حميد لم تتوقف عند نجاحات الماضي، إذ واصل رحلته في الألفينات مع مواهب جديدة وأصوات صاعدة، ليقدم للساحة الفنية أسماء لامعة مثل هيثم شاكر، شذى، شاب جيلاني، محمد نبيل، ومصطفى شوقي، وغيرهم.
تجاربه السينمائية
ودخل الشاعري عالم السينما في عام 1995 من خلال فيلم “قشر البندق”، حيث لم يكتفِ بالتمثيل بل قام أيضًا بإعداد الموسيقى التصويرية وأغاني الفيلم، وكان العمل، الذي أخرجه خيري بشارة وضم عددًا كبيرًا من النجوم، كان تجربة مميزة لكنها لم تشجع الشاعري على تكرارها بشكل مستمر.
وعاد إلى السينما بعد أكثر من عام في فيلم “أيظن” عام 2006، لكنه ظل محافظًا على تركيزه الأساسي في عالم الموسيقى.
آخر أعمال حميد الشاعري
ومؤخرًا، أطلق الموسيقي الكبير حميد الشاعري ألبومه الجديد “أنا بابا”، الذي يضم 10 أغنيات متنوعة، وتعاون الشاعري في هذا العمل مع نخبة من أبرز الشعراء والملحنين والموزعين في الساحة الفنية، من بينهم تامر حسين، عنتر هلال، محمد البوغة، عزيز الشافعي، محمد رحيم، طارق عبد الجابر، وتوما.
اقرأ أيضًا: حميد الشاعري| موزع أوبريت الحلم العربي يخضع لعملية جراحية.. ما القصة؟