كتبت شهد حسام
تحل اليوم الذكرى الـ52 لوفاة أحد الرواد الأوائل لفن القصة العربية، الأديب محمود تيمور، ويعد الأديب واحد من القلائل الذين نهضوا بفن القصص، واستطاع أن يقدم ألوانا مختلفة من القصص الواقعية والرومانسية والتاريخية والاجتماعية.
وُلد محمود أحمد تيمور في أحد أحياء مصر القديمة يسمى درب سعادة، في 16 يونيو لعام 1894، وثم انتقل مع أسرته لعين شمس. وقد نشأ في أسرة عريقة لها قدر كبير من العلم والثراء.
فوالده هو الأديب أحمد تيمور باشا، الذي عرف باهتماماته الواسعة بالتراث العربي، وكان باحثًا في فنون اللغة العربية والأدب والتاريخ. وكان له مكتبة عظيمة هي “التيمورية”، وتعد مرجع مهم للباحثين حتى الآن بدار الكتب المصرية، لما تحتويه من نوادر الكتب والمخطوطات. وأخوه محمد تيمور من مؤسسي الأدب القصصي والمسرحي في مصر.
وأقبل محمود على مكتبة أبيه العامرة وتأثر بعدد من الشعراء، خاصة شعراء المهجر، وعلى رأسهم “جبران خليل جبران. كما تلقى تيمور تعليمه بالمدارس المصرية الابتدائية والثانوية الأميرية، والتحق بمدرسة الزراعة العليا.
اكتشاف محمود تيمور ميله بالأدب
لم يكن محمود تجاوز العشرين من عمره، عندما أصيب بمرض التيفود، واشتدت وطأة المرض عليه؛ فانقطع عن دراسته في مدرسة الزراعة، ولزم الفراش ثلاثة أشهر.
تلك الأشهر غيرت حياته إلى الأبد، فقد قضاها في القراءة والتأمل والتفكير، وسافر إلى الخارج للاستشفاء في سويسرا، ووجد في نفسه ميلاً شديدًا إلى الأدب.
بعد ذلك، عاش تيمور حياته مع القراءة والاطلاع، وأتيحت له دراسة راقية في الآداب الأوروبية؛ فدرس الأدب الفرنسي والأدب الروسي، واتجه لقراءة روائع الأدب العالمي لعدد من مشاهير الكتاب، مثل: “أنطون تشيكوف”، و”إيفان تورجنيف”، و”جي دي موباسان”، بالإضافة إلى ثقافته الواسعة في الأدب العربي.
مشوار تيمور الأدبي
كان شقيقه “محمد” خير مرشد له، فتأثر محمود تيمور بأخيه في اتجاهه نحو المذهب الواقعي في الكتابة القصصية، والذي ظهر واضحًا في مجموعته القصصية الأولى “ما تراه العيون”. وبعدما أعجب بها محمود إعجاباً كبيرا، دعاه ليؤلف على غرارها.
ولكن تُوفِّي أخوه محمد وهو في ريعان الشباب، رحل ولم يصل للثلاثين من عمره. فشعر محمود بانهيار آماله، وفقد حماسه، وأصابه اليأس، وانطوى حزينًا مستسلمًا للأسى والإحباط، لرحيل مرشده.
ولكن بمرور الأيام بدأ الجرح في الاندمال في قلبه، وأقبل من جديد على الحياة، وراح اعتمد على نفسه في كتاباته مهتديًا بهُدى شقيقه الراحل، راسما خطاه في عالم الأدب والإبداع.
وكتب تيمور باكورته القصصية “الشيخ جمعة” سنة 1925، “رجب أفندي”1928، “الحاج شلبي “1930، وتنوع إنتاجه بعد ذلك فكتب روايات طويلة ظهر في بعضها تأثره بالرومانسية مثل “نداء المجهول” 1939، “كليوباترا في خان الخليلي” 1946.
كما كتب مسرحيات عديدة منها: “حواء الخالدة”، “اليوم خمر”، “صقر قريش”، “عروس النيل”، “كذب في كذب”، وله في أدب الرحلة: ” أبو الهول يطير”، “شمس وليل”، “جزيرة الحب”، من دراساته الأدبية: ” نشوء القصة وتطورها”، “طلائع المسرح العربي”.
تكريمات الأديب محمود تيمور
حظي تيمور بتقدير الأدباء والنقاد، ونال اهتمام وتقدير المحافل الأدبية ونوادي الأدب والجامعات المختلفة في مصر والوطن العربي. بالإضافة إلة اهتمام جامعات أوروبا وأمريكا به.
ومثل مصر في العديد من المؤتمرات منها: مؤتمر الأدباء في بيروت عام 1954، ومؤتمر القلم ببيروت عام 1954 أيضا، ومؤتمر الدراسات الإسلامية في جامعة بشاور بباكستان، ومؤتمر الأدباء في دمشق.
وحصل على العديد من الجوائز، إذ نال إنتاجه القصصي جائزة مجمع اللغة العربية بمصر عام 1947، وما لبث أن عُيِّن عضواً فيه عام 1949.
وحصل على جائزة الدولة للآداب عام 1950، وجائزة “واصف غالي” بباريس عام 1951. بالإضافة إلى جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1963 من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب.
واحتفلت به جامعات روسيا والمجر وأمريكا، وكرمته في أكثر من مناسبة.
وفاة الأديب بعد رحلته الأدبية
رحل الأديب عن عالمنا مثل اليوم في عام 1973، في سويسرا، عن عمر يناهز 80. مخلفا رحلة من الأدب والقصص والمسرح والدراسات اللغوية والأدبية تحتوي على أكثر من 70 كتاب.