أجرى موقع «الحرية» حوار خاص مع، المحامي أحمد فوزي، عضو الهيئة العليا بالحزب المصري الديموقراطي بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لثورة 25 يناير، وتحليل لتطور الثورة وتداعياتها على المجتمع المصري.
استهل استهل فوزي حديثه بالإشارة إلى أن ثورة يناير أحدثت تحولًا في العلاقة بين السلطة والشعب، إذ أصبحت السلطة تأخذ في اعتبارها المواطنين.
وأكد أن فشل الثورة يعود إلى ضعف الحياة السياسية منذ الخمسينات، بالإضافة إلى غياب القوى الديمقراطية وضعف التنظيمات التي كان لها دور كبير في فشل التحول من النظام الاستبدادي إلى مجتمع ديمقراطي.
واختتم حديثه بمناشدة للإفراج عن جميع سجناء الرأي، مؤكدًا أن ذلك يصب في مصلحة المجتمع، مشددًا على ضرورة فتح المجال العام والسياسي، وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة تجمع بين المؤيدين والمعارضين؛ لتجنب أي فوضى، حيث الأوضاع الحالية لا تحتمل المزيد من الفوضى والتوترات.
وإلى نص الحوار:
كيف ترى تأثير ثورة يناير بعد مرور 14 عامًا؟
إن الأحداث الضخمة التي تمر بها المجتمعات المشابهة لمجتمعنا من ثورات وانتفاضات، هناك عوامل لها تأثير كبير في نتائج ذلك.
فالقواعد الديمقراطية، وعلاقة الناس بالسياسة، وعلاقة الناس بالعمل العام، كل هذه عوامل تجعل من الصعب معرفة وتحديد النجاح أم الفشل على نتائج هذه التحركات الشعبية.
فعلى سبيل المثال ثورة القاهرة الأولى والثانية، وثورة 1919، وانتفاضة يناير، وثورة 25 يناير، لا تستطيع أن تجزم كيف كان النجاح في كلا منهم وكيف كان الإخفاق أو الفشل.
هل حققت الثورة أهدافها؟
الأهداف ومفهومها العام يختلف من شخص إلى آخر، ولكن الهدف العام كان إسقاط نظام مبارك المستبد، ونجحت الثورة في تحقيق ذلك.
ما أبرز العقبات التي واجهتها الثورة وأثرت على تحقيق مطالبها؟
المجتمع المصري لا يُعتبر مجتمعًا مسيسًا، والضعف في الحياة السياسية منذ سنة 1954 يعد من العوامل الرئيسية التي أدت إلى فشل ثورة يناير في إحداث التحول من مجتمع سلطوي استبدادي إلى مجتمع ديمقراطي تحرري، لم يكن من الممكن تحقيق العدالة الاجتماعية دون وجود نقابات عمالية حقيقية.
كما لم تكن هناك ديمقراطية من دون وجود أحزاب سياسية، وأيضًا لم تكن هناك خطابات واضحة وصريحة توجه المواطنين لتحقيق التغيير الديمقراطي في المجتمع، يجب أن يكون هذا المجتمع مسيسًا.
كيف تقيم دور الشباب الذين قادوا الثورة في ذلك الوقت؟ وهل ترى أن دورهم مستمر حتى اليوم؟
من أسباب ضياع ثورة يناير هو تخصيص الثورة لفئة معينة وتحميلها أعباء أكبر من طاقتها، فثورة يناير لم تكن ثورة الشباب فقط، ولا تخص أي فئة معينة.
الأزمة تكمن في غياب القوى الديمقراطية عن مصر، وليس في الشباب.
في مجتمعات أخرى نجد سياسيين ورؤساء وزراء بل ورؤساء جمهورية لم يتخطوا سن الأربعين.
ما الدروس المستفادة من ثورة 25 يناير التي يجب أن تتعلمها الأجيال الجديدة؟
التنظيم، يعتقد مجتمعنا أن النزول إلى الشوارع للتظاهر وإسقاط الأنظمة هو الهدف، ولكن هذا أمر بسيط مقارنةً بالأمور التي تلي ذلك.
المنطقة العربية تواجه مشكلات عديدة مثل التعليم، والثقافة، والتسامح، ووضع بعض الأقليات، وغيرها من المشكلات المستمرة منذ سنوات، المجتمع في حاجة ضرورية إلى التنظيم، سواء في النقابات العمالية أو الأحزاب السياسية.
التغيير لا يحدث إلا عندما تتضافر جهود جميع الأطراف في المجتمع من خلال عملية تنظيمية شاملة.
كيف ترى تعامل الإعلام وتناوله لذكرى ثورة 25 يناير الآن؟
الإعلام ينقسم إلى جزئين: جزء من الإعلام المحسوب على الدولة يرى أن الثورة كانت مؤامرة خارجية، بينما يرى الإعلام المقرب من نظام الإخوان أنهم كانوا من صنع ثورة يناير، ويقولون إن هناك أطرافًا انقضت عليها، رغم أنهم كانوا من أوائل الناس من وضعوا أيديهم في أيد النظام القديم في الإعلان الدستوري 19 مارس.
وعلى صعيد آخر هناك قوى وطنية تقدس ثورة يناير إلى درجة أنها ترفض أي نقد موضوعي لها، فعلى سبيل المثال، الفنان القدير يحيى الفخراني كان رافضًا لثورة يناير وأوضح أسبابه، حيث رأى أن المجتمع لم يكن مهيئًا لثورة دون البحث إلى التخوين أو المزايدات.
من الضروري لمحبي ثورة يناير أن يكونوا منفتحين على نقد الثورة، وأن يعترفوا بالأخطاء التي ارتكبت خلالها، فالثورة ليست “بقرة مقدسة”، وكانت بها أخطاء يجب أن ندركها جيدًا ونتقبلها.
لو عاد بك الزمن إلى 2011، هل ترى أن الثورة كانت تحتاج إلى قيادة سياسية واضحة لتوجيهها بشكل أفضل؟
لم تكن هناك قوى ديمقراطية منظمة، فنحن مجتمع غير مسيس ويعاني من مشاكل تنظيمية وسياسية كبيرة، على سبيل المثال، حركة “كفاية” كانت تجمع تيارات وأفكارًا متباينة، وهو أمر غير مقبول في السياسة، حيث يجب أن يكون لكل فرد برنامج وفكر واضح.
في رأيي كان لدى الدكتور محمد البرادعي إمكانيات وقدرات تؤهله لقيادة التيار الديمقراطي البعيد عن الإخوان والنظام القديم، وكان الناس سيستقبلون ذلك بكل ترحاب، وكنا قد نشهد نتائج أفضل، وإذا لم يكن الإخوان قد احتكروا المشهد السياسي وسيطروا عليه، لكانت الأمور قد تحسنت عن ذلك.
هل لديك رسالة تريد إيصالها في الذكرى الرابعة عشرة لثورة 25 يناير؟
أرجو تصفية ملف المعتقلين السياسيين.
كل من لم يمارس عنف أو يحرض على عنف أو يستولي على أموال المواطنين يجب أن يخرج من السجن.
هناك أشخاص تجاوزوا مدد الحبس الاحتياطي ولم يخرجوا حتى الآن.
نحن نعاني منذ ما يقرب من ١٠ سنوات من وجود سجناء رأي، ووضع الأشخاص على قوائم الإرهاب، ومنعهم من السفر، فكل هذا يجب أن يصحح، لأنه لم يفيد المجتمع فقط بل سيعود بالنفع أيضا على النظام.
يجب أيضًا فتح المجال العام، وأن تكون هناك إرادة حقيقية لخوض انتخابات برلمانية جادة تفتح فيها السلطة حوار مع المعارضة بكل أشكالها: الموجودة في البرلمان وغير الموجودة في البرلمان.
لا يصح أن يكون لدينا انتخابات بعد ٥ أشهر وحتى الآن لا يوجد حديث حولها.