عقدت “الحرية” حوارًا صحفيًا مع المحامي والحقوقي نجاد البرعي لرصد تأثير ثورة 25 يناير بعد مرور 14 عامًا على اندلاعها، مستعرضة الحالة الحقوقية والسياسية في مصر بين الإنجازات والمعوقات.
ناقشنا خلال الحوار، التحولات التي شهدتها حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، وتأثير الثورة على المشهد السياسي. كما تطرقنا إلى أبرز المعوقات التي واجهت الثورة ومدى قدرة القوى السياسية على إدارة المرحلة الانتقالية.
فيما يلي نستعرض أبرز ما جاء في الحوار، لتقديم صورة شاملة عن الإرث الذي تركته ثورة يناير والتحديات التي لا تزال تواجه المجتمع المصري.
وإلى نص الحوار
كيف ترى تأثير ثورة 25 يناير على الحالة الحقوقية والسياسية في مصر بعد مرور 14 عامًا ؟
إن وضع حقوق الإنسان بعد عام 2011 أصبح أسوأ مما كان عليه قبل ذلك، وكذلك وضع المنظمات الحقوقية، وبالتأكيد لا أستثني فترة حكم الإخوان.
في 30 يونيو كان هناك أمل في تحسن الوضع، حيث كانت العديد من المنظمات الحقوقية تؤيد الدولة المدنية وترى أن حكم الإخوان سيؤثر سلبًا على حقوق الإنسان بسبب توجهاتهم وأفكارهم نحو إقامة دولة دينية، مما يتعارض مع الدولة المدنية.
أما فترة ما بعد 2014 تم قمع هذه المنظمات حتى وصلنا إلى مرحلة الحوار الوطني في 2022، ووضع حقوق الإنسان لم يتغير كثيرًا.
ميزة ثورة يناير 2011 هي إقرار دستور لأول مرة في تاريخ مصر وهو دستور 2012 بتعديلاته الذي يتضمن فصلًا كاملًا عن “الحقوق والحريات العامة” وهو غير قابل للتعديل، ويعد ذلك خطوة هامة رغم عدم تطبيقه بشكل فعلي وواقعي حتى الآن، ولكن مع مرور الوقت من المتوقع أن يتم تطبيقه بشكل فعلي.
ما هي أبرز المعوقات التي واجهت ثورة 25 يناير؟
في رأيي، الثورة في 28 يناير وليس في 25 يناير؛ لأن مطالب يوم 25 كانت تقتصر على إقالة حبيب العادلي وزير الداخلية، بسبب انتهاكات الشرطة.
أما الاحتجاجات الحقيقية فقد بدأت في الجمعة 28 يناير، حيث شهدنا أول تحرك شعبي واسع، كان هناك تضافر بين قوى مختلفة ساهم ذلك في إشعال الثورة، وكل طرف كان له فكر ووجهة نظر تختلف عن الآخر، على سبيل المثال، كان هناك من يعارض التوريث وتولي جمال مبارك الحكم، وآخرون كانوا يدركون معنى الحرية بشكل حقيقي.
القوى السياسية كانت غائبة تمامًا بعد سقوط الحزب الوطني، الذي كان يضم أبرز السياسيين في مصر، ولم يكن هناك أي تيار سياسي حقيقي قادر على سد الفراغ الذي تركه الحزب الوطني سوى الإخوان، كانوا التيار الوحيد الذي يمتلك قاعدة شعبية حقيقية.
ومع ذلك الشعب المصري قد لا يؤيد الإخوان، بعض الأفراد من الشعب قد يتبنون بعض الأفكار الدينية الصوفية، ولكن لا يؤمنون بأفكار الإخوان، وشهدنا الغالبية من المثقفين والأسر المتعلمة تظاهروا ضدهم في 30 يونيو، الإخوان هم كيان منظم، ولكنهم لم يستطيعوا عقد تحالفات مع الجيش المصري، الذي يمثل الشعب بشكل كامل بدليل أن جميع أطراف الشعب وأطيافه ينضمون للجيش، دائمًا هو الجهة المعبرة عن مصر.
المشكلة الحقيقية في المعارضة تكمن في أنها كانت تتفق وتعرف ما لا تريده، ولكنها لم تتفق على ما تريده بالفعل.
كيف ترى سلسلة مقالات «نصيبي من الخطأ» لحمدين صباحي؟
على السياسي الحقيقي أن يقدم لنفسه مراجعة نقدية لما قام به خلال مسيرته، وما قام به السياسي الشهير حمدين صباحي من اعتزال العمل السياسي خطوة جريئة، ولم ألاحظ أحدًا فعل ذلك منذ أيام جمال عبد الناصر.
إن جمال عبد الناصر بنفسه اعترف بأخطائه وتحمل المسؤولية وقت نكسة 1976، ومن الضروري أن يتبنى السياسيون هذه المراجعات النقدية الذاتية؛ لكي يتجنب الجميع الوقوع في نفس الأخطاء.
السياسي الذي يقرر اتخاذ هذه الخطوة ينبغي أن يتنحى عن منصبه، فهي بمثابة إبراء ذمة، خاصة أن حمدين صباحي في السبعين من عمره، وهذا يعزز فكرة أن الأجيال التي تجاوزت الستين يجب أن تفسح المجال للأجيال الأصغر؛ لأننا لم نعد قادرين على العطاء بذات القوة لا بسبب السن فقط بل أيضًا لأن أفكارنا قد تكون قديمة ولم تعد تناسب الواقع الحالي.
كيف ترى تصريحات دونالد ترامب الأخيرة؟
التصريحات التي يرددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثل “أمريكا أولًا”، تشبه شعارات الزعيم النازي أدولف هتلر التي كانت تدعي “ألمانيا فوق الجميع”.
سياسات ترامب منذ بداية فترة حكمه تكشف عن نوايا توسعية وأطماع تتعارض مع القوانين الدولية.
إن محاولاته ضم كندا، وهي حليف تاريخي للولايات المتحدة، بالإضافة إلى رغبته في السيطرة على قناة بنما، وسعيه إلى تغيير اسم خليج المكسيك.
يجب أن نلفت إلى أن خلافات ترامب المتزايدة مع الدول الأوروبية وانسحابه من حلف شمال الأطلسي، قد تؤدي إلى أضرار جسيمة بالولايات المتحدة على المدى البعيد.
يجب أن تبحث مصر عن حلفاء آخرين بعيدًا عن الإدارة الأمريكية في عهد ترامب، ويجب تعزيز العلاقات مع أوروبا. مصر يجب أن تستغل إمكاناتها كقوة عظمى في المنطقة، مستندة إلى تراثها الثقافي وقدراتها العسكرية.
ترامب قد لا يكمل فترة حكمه كاملة، وهو ما يتطلب من مصر التحرك خلال العامين الأولين من حكمه لتعزيز موقفها الإقليمي والدولي وإظهار قوتها بشكل واضح.