في مثل هذا اليوم 15 مايو من عام 1971م عقب وفاة الرئيس جمال عبد الناصر تولى الرئيس الراحل أنور السادات مهام الرئاسة وقام بعد ذلك بحركة سميت (ثورة التصحيح) للقضاء على نفوذ ما عرف بمراكز القوى السابقة التي تمتعت بقدر كبير من السلطات في عهد عبد الناصر وتعرف أيضا بأحداث مايو 1971، وهو المصطلح الذي أطلق على عملية تنقيح الرئيس أنور السادات السلطة في مصر.
ذلك نتيجة لمحاولة البعض بالقيام بانقلاب على نظام الحكم حيث استطاع كشف مخططهم ومحاصرتهم، والقاء القبض عليهم داخل مبنى الاذاعة والتلفزيون وقد استعان في ذلك بعدة أشخاص أهمهم الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري وقتها.
وكان قد ألقى السادات خطابا له استمر تسعين دقيقة متواصلة، دون ورقة، أمام الشعب المصري، كشف فيه عن تطور الصراعات على السلطة وتشكيل مراكز قوى للإرهاب والتخويف ومحاولات التآمر ضد الجبهة الداخلية، وأفردت وقتها جريدة الأهرام المصرية خمس صفحات نشرته فى اليوم التالي للخطاب، عام 1971م.
وقد نشر الكاتب والصحفي محمد حسنين هيكل فى إحدى مقالاته فى جريدة الاهرام المصرية وقتها، عن ثورة التصحيح بأن كان لها أدوات استخدمها الرئيس السادات، وكشف عنها فى خطابه الشهير يوم 15 مايو والذى استمر 90 دقيقة بلغة عامية، يتخلله مخاطبة مباشرة لعدد كبير من القيادات التى أسقطتها «ثورة التصحيح».
ومنهم، كان نائبه وقتها على صبرى، ووزير الدفاع محمد فوزى وسامى شرف (سكرتير الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ووزير شئون الدولة فى بداية عهد السادات) وشعراوى جمعة (نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية وقتها)، ومحمد فائق ( مدير مكتب الرئيس جمال عبدالناصر للشئون الإفريقية ووزير الإعلام فى عهده)، ومحمد لبيب شقير، وزير التعليم العالى، ومحمد حلمي السعيد وزير الكهرباء.
ومن هذه الأدوات، كان الخلاف بين السادات من جانب، وقيادات الدولة، وتحديدا داخل اللجنة العليا للاتحاد الاشتراكى من جانب آخر بخصوص مشروع قيام وحدة عربية ثلاثية بين مصر وسوريا وليبيا، والتى كان يفترض أن تنضم لها السودان وقتها. ولكن الوحدة الرباعية تم تأجيلها بعد اعتذار الرئيس السودانى حينها جعفر النميرى، وتحجج بالأحوال غير المستقرة بالسودان والتى كان قد تولى أمورها منذ عام 1969.
وفى هذا السياق كان يوم 15 مايو الذي نشر فى الصحف القومية الكبري وعلى رأسهم الأهرام، بالإعلان عن المصير المنتظر للشرائط المصادرة، وذلك تحت عنوان: «إحراق أشرطة التسجيل فى فناء وزارة الداخلية»، وذكرت الاهرام وقتها أن «أعلن الرئيس أنور السادات أنه سيتولى بنفسه الإشراف على إحراق آلاف الأشرطة التى عثر عليها وتحمل تسجيلات مكالمات تليفونية لآلاف من المواطنين ولم يكن الهدف منها دواعى للمصلحة الوطنية. وسيتم حرق هذه الأشرطة فى فناء وزارة الداخلية.
كانت تلك الأشرطة التى عثر عليها الرئيس الراحل السادات من الضابط الصغير وعرف كل من تجسس عليه ومن يريد الانقلاب والثورة ضده وعلى رأسهم بعض من القيادات الأمنية،
واجتمعت الأدوات فى أيدى السادات ليبدأ أولا بمطالبة وزير الداخلية شعراوى جمعة على خلفية «أزمة الأشرطة» بالاستقالة، لتصله سلسلة من الاستقالات التى رأى السادات أنها كانت تهدف إلى القضاء على استقرار الجبهة الداخلية وخلق أزمة دستورية تقوض محاولته للقيادة.
قال السادات عبارته الشهيرة «أرادوا باستقالاتهم المفاجئة إحداث انهيار دستورى فى البلاد فلم يصنعوا إلا زوبعة فى فنجان».
ولكن السادات عجل بطرح خطاب 15 مايو وبدء حملة تحقيقات واسعة انتهت بسلسلة من الاتهامات لأقطاب «مراكز القوى» بالسعى للانقلاب على الرئيس، ومهدت للمحاكمات والأحكام التى زجت بـ «مراكز القوى» وراء القضبان لسنوات طويلة.