تزامنًا مع سعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، للضغط على الغرب للسماح له باستهداف العمق الروسي، وإعداد خطة تضمن استمرار الدعم الأمريكي بعد بايدن، رفضت ألمانيا رسميًا استهداف كييف العمق الروسي، كما رفضت ألمانيا إرسال صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وحذر حزب الإصلاح البريطاني اليميني المتطرف من استخدام صواريخ غربية بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي الروسية، مؤكدًا أن ذلك سيؤدي إلى تصعيد خطير، خوفًا من التصعيد الروسي بأسلحة أشد فتكًا كمًا أو نوعًا، أو اللجوء للخيار النووي المحدود إذا ما تم الضغط أكثر على الروس.
وتكمن أسباب الرفض الألماني لاستهداف العمق الروسي، والتصعيد ضد روسيا بشكل أكبر في الأتي:
أسباب الرفض الألماني لاستهداف العمق الروسي
-قرب الحدود الروسية من ألمانيا، وهو ما تخشاه برلين في حال نشوب أي صراع بينها وبين موسكو.
-ألمانيا تتجنب التورط في حرب ضد روسيا بشكل مباشر، خاصة وأن الحرب أثبتت أن كثير كل دول أوروبا تعاني نقص في التسليح والذخيرة وإعداد الجيوش والحرب الإلكترونية والمُسيرات.
-يضغط دخول الشتاء على حاجة ألمانيا ودول أوروبا للنفط والغاز الروسي، بعد حرمانهم منهما لأكثر من عام، كما أن أوروبا هي أكثر المتضررين من توقف خطوط الغاز الروسي نحو القارة الأوروبية، وألمانيا هي الدولة التي تصل إليها أنابيب خط السيل الشمالي من موسكو إلى برلين، ومنها إلى العواصم الأوروبية.
– بعد مرور أكثر من عامين على الحرب الروسية الأوكرانية، وجدت ألمانيا أن أوروبا تواجه وحدها عجز الطاقة.
-ألمانيا أكبر دول أوروبا اقتصاديًا، ولذلك تريد وقف عجلة الخسائر التي تأثرت منها أوروبا بشدة بسبب حرب أوكرانيا، وفي المقابل واشنطن أكثر المستفيدين من نزيف روسيا وزيادة إنتاج مصانع السلاح الأمريكية بعد إشعال النزاع واستمراره.
-الاقتصاد الأوروبي لا يملك ما يعتمد عليه في حال صراع طويل الأمد، كما تملك روسيا النفط والغاز ومصانع ضخمة لإنتاج السلاح.
-بالنظر إلى الماضي، نجد أنه بالرغم من أن احتلال دول الحلفاء ومنهم أمريكا لألمانيا انتهى رسميًا عام 1954، غير أنه استبدل باتفاقية وجود القوات الأجنبية في جمهورية ألمانيا الاتحادية، التي سمحت لثماني دول من أعضاء الناتو بالتواجد العسكري الدائم في المانيا، وبقيت هذه الإتفاقية سارية حتى بعد توحيد البلاد بسقوط جدار برلين عام 1989.
-ييوجد في ألمانيا 21 قاعدة عسكرية أمريكية، ويبلغ قواتها نحو 50 ألف جندي أمريكي مع احتساب اعداد الموظفين المدنيين في تلك القواعد، ومن أهم القواعد الأمريكية الموجودة اليوم قاعدة رامشتاين الجوية -أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج أراضي الولايات المتحدة وتعد القاعدة المركزية لحلف الناتو-، وقاعدة شتوتجارت-تعد مقر قوات أفريكوم التي تدير العمليات العسكرية الأمريكية في أفريقيا، والقيادة الأمريكية الأوروبية المكلفة بقيادة (51) من القواعد والوحدات العسكرية في الدول الأوروبية-، وتُساهِم القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا في فرض نفوذ الولايات المتحدة في البلاد وعلى مستوى العالم، وفي ظل ما يسمى “الالتزام الأمريكي بحماية الأمن والاستقرار في أوروبا”.
لماذ الإصرار الأمريكي على استمرار حرب أوكرانيا
-الولايات المتحدة الأمريكية تستفيد من أوروبا دون أدنى مساعدة لحل أزماتهم التي تسببت فيها واشنطن، وتترك الأوروبيين يتحملون تبعات الحرب، بل أن الولايات المتحدة تتدخل في تسعير نار الحرب ولا تحرك ساكناً في معالجة تبعاتها، وأن من يدفع الثمن هو المواطن الأوروبي.
-بالنظر إلى لغة الأرقام نجد أن واشنطن المستفيد الأول وأن حرب أوكرانيا غيرت خريطة تجارة الأسلحة عالميًا، حيث تضاعفت واردات الأسلحة إلى أوروبا تقريبا في السنوات الماضية بسبب الحرب في أوكرانيا، في حين انخفضت الصادرات الروسية إلى النصف.
وفقا لتقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، أوكرانيا أصبحت رابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وحلت فرنسا محل روسيا بصفتها ثاني أكبر مصدر في العالم بعد الولايات المتحدة.
-خلال الفترة بين 2019 و2023، قفزت واردات الأسلحة إلى أوروبا بنسبة 94 بالمئة مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، وفق المعهد، وترجع هذه الزيادة إلى حد كبير إلى الحرب في أوكرانيا، حسبما قالت الباحثة في المعهد كاتارينا ديوكيتش لـ”فرانس برس”.
-منذ فبراير 2022، قدمت 30 دولة على الأقل مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا، وجاءت الولايات المتحدة أكبر مُصدر للأسلحة في العالم، بين عامي 2019 و2023، بزيادة 35 بالمئة مقارنة بالفترة بين عامي 2014 و2018.