يُعَدُّ توقيع الرئيس المصري أنور السادات على اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 حدثًا محوريًا في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. ورغم أن هذه الخطوة أدت إلى سلام رسمي بين مصر وإسرائيل، فإن توقيتها وظروفها كانت محل انتقاد شديد من قبل العديد من المحللين والمؤرخين. فيما يلي تحليل نقدي لأسباب اعتبار توقيت التوقيع خطأً استراتيجيًا:
1. تفويت فرصة الاستفادة من الموقف العربي القوي
بعد حرب أكتوبر 1973، كانت الدول العربية في موقف قوة نسبيًا. يشير المؤرخ محمد حسنين هيكل في كتابه “خريف الغضب” إلى أن “الانتصار العسكري الجزئي في 1973 كان يمكن تحويله إلى مكاسب سياسية أكبر لو تم استغلاله بشكل جماعي.”
2. عزل مصر عن محيطها العربي
أدى التوقيع المنفرد على الاتفاقية إلى عزل مصر دبلوماسيًا واقتصاديًا عن العالم العربي. وفقًا لتقرير معهد بروكينغز، “فقدت مصر مكانتها القيادية في العالم العربي لما يقرب من عقد كامل بعد توقيع الاتفاقية.
3. عدم حل القضية الفلسطينية بشكل شامل
رغم وعود الحكم الذاتي للفلسطينيين، لم تقدم الاتفاقية حلًا شاملًا للقضية الفلسطينية. يقول الباحث السياسي نبيل فهمي: “تركت الاتفاقية الباب مفتوحًا لتفسيرات متباينة حول مستقبل الأراضي الفلسطينية، مما أدى إلى استمرار الصراع.”
4. إضعاف الموقف التفاوضي المصري
يرى بعض المحللين أن التسرع في التوقيع أضعف الموقف التفاوضي المصري. في دراسة نشرتها جامعة القاهرة، يشير الدكتور جمال عبد الجواد إلى أن “الانتظار لبضع سنوات كان سيمنح مصر فرصة لتعزيز اقتصادها وقدراتها العسكرية، مما قد يؤدي إلى شروط أفضل في المفاوضات.”
5. تجاهل التعقيدات الإقليمية
اتُّخِذَ القرار دون مراعاة كافية للتعقيدات الإقليمية. يقول الدبلوماسي المخضرم عمرو موسى في مذكراته: “كان من الضروري إشراك الأطراف العربية الرئيسية في عملية السلام لضمان استقرار إقليمي طويل الأمد.”
وعليه، فإنه رغم أن اتفاقية كامب ديفيد حققت سلامًا رسميًا بين مصر وإسرائيل، فإن توقيتها وطبيعتها المنفردة كانت محل جدل كبير. تشير الأدلة التاريخية والتحليلات السياسية إلى أن انتظار السادات وسعيه لتحقيق إجماع عربي أوسع كان من الممكن أن يؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية على المدى الطويل، سواء لمصر أو للمنطقة ككل.