بين العين والنظرة في عالم كرة القدم طبقة عليا من التألق، ولدت خصيصا للمكافحين المجتهدين في اللعبة، وهم كانوا مجتهدين على الدوام.
يقال عادة لا جديد يذكر ولا قديم يعاد، لكن معاهم رأينا كل جديد، مباريات من العيار الثقيل، كان دائما في الموعد والمكان المناسب.
قالوا أن بطولة 2006 كانت بمحض الصدفة، ولا يمكن تحقيق ذلك الإنجاز مرة آخرى، قالوا أن الفوز في المباراة الأولى أمام الأسود برباعية مرة تحدث كل مائة عام.
حل صباح العاشر من شهر فبراير عام 2008، الجميع حذر مترقب متخوف، لا حديث على المقاهي والأزقة والحواري إلا على تلك المباراة النارية التي ستقام الليلة في أكرا العاصمة الغانية.
الساعة تلو الساعة والقلق يتزايد بشكل مستمر عند الجميع، هل سننتصر مرة آخرى على الأسود ونحقق اللقب السادس بالفعل، هل ستهتز القاهرة ليلًا بأوج الأفراح، أم ستكون في سكون عارم؟
جاءت ساعة الظهيرة، وبدأ ستاد «أوهين دجان بالعاصمة الغانية أكرا»، في استقبال ضيوفه من المصريين والكاميرونيين، وبعض المناصرين من مشجعي غانا للمنتخب المصري.
ولعل البعض يتساءل لماذا تشجع الجماهير الغانية المنتخب المصري؟ والإجابة ستكون لأن الكاميرون أقصيت غانا من البطولة، بعد الفوز في الدور نصف النهائي بنتيجة هدف نظيف.
وقبل اطلاق صافرة بدء المباراة من جانب الحكم البينيني كوفي كودجا، تنظر إلى المدرجات، تشعر وكانك في منطقة شبرا بالقاهرة.
وبدأت المباراة في الخامسة مساءً، وسط تشكيل متوزان نوعا ما من جانب حسن شحاته، المدير الفني الفراعنة، الذي بدأ بالحضري في حراسة المرمى، وثلاثي دفاعي مكون من شادي محمد، ووائل جمعة؛ بالإضافة إلى هاني سعيد.
وتواجد أحمد فتحي في الجبهة اليمني، وسيد معوض في الجبهة اليسيرى؛ بالإضافة إلى ثنائي خط وسط مكون من حسني عبدربه، وأحمد حسن.
وفي الناحية الهجومية يتواجد ثلاثي هجومي مكون من عماد متعب، وعمر زكي؛ بالإضافة إلى النجم محمد أبوتريكة.
وشهدت اللحظات الأولى من المباراة تبادل للكرة في وسط الملعب، مع بعض الفرث الخطيرة للفراعنة، أبرزها انفراد متعب بالحرس الكاميروني مارتيني، الذي تمكن من التصدي ببراعة للكرة.
وشهدت مجريات الشوط الأول، إهدار العديد من الفرص، فغير عماد متعب، كان هناك عمرو زكي وحسني عبد ربه، حتى أبو تريكة أضاع؛ لتنتهي مجريات الشوط الأول بالتعادل السلبي بدون أهداف.
وعند بداية الشوط الثاني، تقمص الحارس الدولي كاميني مارتيني، در الأسد، ودافع عن مرماه كما تدافع الأسود عن أبنائها، مانعا الفراعنة من إحراز أي هدف، حتى تسديدة حسني عبدربة ارتطمت بالقائم.
ومع حلول الدقيقة 60 من زمن المباراة أجرى حسن شحاته تبديلًا في صفوف الفراعنة بخروج عماد متعب، ونزول محمد زيدان، الذي غير مجريات المباراة والتاريخ بنزوله.
في منتصف الشوط الثاني، بدأت الأسود الكميرونية، تشن هجوما كاسحًا بقيادة صامويل إيتو، على الدفاعات المصرية، فتارة يبدعها الدفاع، وتارة يكون الحضري بمثابة السد العالي، الذي واجه طوفان الهجوم الكاميروني على مصر.
وفي الدقيقة 77 من زمن المباراة، والجميع متساقط بدنيا وذهنيا، وبعد تمريرة ضلت طريقها من جنب أحمد حسن، ليتسلمها سونج مدافع الكاميرون، الذي لم يكن في الموعد.
فبعد أرتباك المدافع، والتدخل التاريخي لمحمد زيدان، الذي اقتنص الكرة من عرين الأسد، ليقدمها على طبق من ذهب لخيال شخص أحمر قادم من بعيد، على حد تعبير زيدان عن الهدف، ليسجلها الماجيكو محمد أبوتريكة.
والجميع يتذكر التعليق التاريخي، لمعلق المباراة وقتها التونسي عصام الشوالي، الذق قال «سونج وزيدان»، وكررها العديد من المرات.
وخلال العشر دقائق الأخيرة، أصبح الدفاع، كأنه الدفاع الإيطالي في عصره الذهبي، المعروف بصد هجمات الخصم مهما بلغت قوتها، لتنتهي المباراة بتتويج مصر بالنسخة السادسة في تاريخ الفراعنة بالبطولة.