شعوري لحظة تنحي «مبارك» اختلط بين الفرح بسعادة الشعب والقلق على مصير الدولة
نحتاج إلى تغيير سريع للحكومة الحالية.. ويجب الاهتمام بتنمية الأجهزة الإدارية والتنفيذية داخل الدولة
الحوار الوطني يمثل انفراجة كبير للمجال العام في مصر.. والجولة الثانية ستكون أكثر فاعلية
تنسيقية شباب الأحزاب بدأت بـ 19 فرد وأصبحنا الآن 410.. ونستعد لضمِّ مجموعات جديدة
تحول التنسيقية إلى حزب سياسي أمر مستحيل.. ونضم كل الأيديولوجيات المختلفة
فتح المجال العام لم يكن على رأس أولويات الدولة بعد 30 يونيو.. وتصدرها في الولاية الثانية
أجرى الحوار: رانيا الشيخ
أعده للنشر: سيف رجب ومصطفى المراكبي
ترى أن الدولة المصرية على أعتاب انفراجة سياسية جديدة، بدأت منذ إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن الحوار الوطني بإفطار الأسرة المصرية، ورغم حديثها حول أن المجال العام لم يكن على رأس أولويات الدولة بعد 30 يونيو، فإنها ترى أن ذلك الأمر تغير بشكل كبير خلال الفترة الحالية، بهذه الكلمات استهلت النائبة سها سعيد أمين سر تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وعضو مجلس الشيوخ، حوارها لـ«الحرية».
وتكشف «سعيد» خلال حوارها عن الدور الفعَّال التي تلعبه تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في عدد كبير من الملفات المحلية والدولية، ورأيها في ضرورة تغيير الحكومة الحالية، وما نحتاجه من الجولة الثانية للحوار الوطني.
وإلى نص الحوار:
ما هو شعوركِ لحظة تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك؟
كنت سعيدة بسبب فرحة الشعب المصري بخبر التنحي، لكني أيضًا كنت أشعر بالقلق على مصير الدولة ومؤسساتها، لأن فكري الليبرالي يميل للفكر الإصلاحي، ورغم أنني لم أكن راضية بنظام الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وبتفشي الفساد، لكني كنت في حالة قلق على الدولة المصرية، ولم أرى في المنطق الراديكالي القدرة على الإصلاح، وكنت أتمنى أن تنجح مساعي اللقاءات التي تمت قبل التنحي.
وما حدث بعد يناير سواء بانتخابات البرلمان أو الانتخابات الرئاسية أكد أسباب مخاوفي، فظهور عدد كبير من مرشحين نفس الاتجاه كما حدث وقتها أفقدني الثقة في سلامة المسار، فكان من المفترض أن يكون هناك مرشح واحد فقط متفق عليه يمثل فكر الاتجاه الذي ينتمي له، وهذا يعكس عدم نضج التجربة والذي ترتب عليه الاختيار السيئ وسرقة الثورة.
شكل الحكومات بعد يناير كان مرتبكًا، ويغلب عليه طابع التهدئات غير المحسوبة، ولم تكن هناك أي حلول حقيقة للمشاكل والفساد الذي سبق، ولم نكن مستعدين لذلك في هذا الوقت، ووجود مسار إصلاحي بأهداف محددة وقتها بالتأكيد كان سيؤدي إلى نتائج أفضل.
ما رائيكِ في الجولة الأولى من الحوار الوطني.. وما هي أولويات الجولة الثانية من وجهة نظركِ؟
الحوار الوطني من البداية، يمثل انفراجة كبيرة للمُناخ العام في مصر، والبيان الذي أخرجته الأمانة العامة للحوار كان يوضح عدّة محاور هامة، وكان هناك اهتمام كبير بالملف الاقتصادي والملف الاجتماعي وبالتبعية الملف السياسي، وكان هناك رؤىً حول عدد من القوانين مثل قوانين الانتخابات وشكلها.
وشاركت تنسيقية شباب الأحزاب بكل ما تستطيع في كل المحاور، وكانت لها مشاركات مهمة في الملف الاقتصادي وسعدنا بالاستجابة لاقتراحاتنا، ونأمل أن تصل مخرجات الحوار الوطني إلى مرحلة التنفيذ، لأن البيان الذي خرج كان ثري بالمقترحات ومن المفترض أنه سيتم مناقشتها في البرلمان.
والمرحلة الثانية للحوار الوطني ستكون من أولوياتها الملف الاقتصادي، لأنه يعتبر طوق النجاة حاليًا، وأعتقد أيضًا أن جميع القوى ستشارك في هذه المرحلة، وأن الحكومة ستعرض العقبات التي تواجهها، وفي الجولة الأولى كان الجميع يتحدث في غياب القوى التنفيذية، ولكن في المرحلة الثانية ستشارك الحكومة في الحوار وهذا يزيد من أهميته.
ماذا قدمت تنسيقية شباب الأحزاب لغزة في هذه الحرب؟
يوجد تحالف برلماني هام جدًا تم، وكلمات نواب البرلمان كانت هامة أيضًا، وقمنا بعدد من الزيارات للعديد من السفارات، وسعينا لحشد وتوثيق الجرائم الإسرائيلية التي تحدث في غزة، وقدمنا بيان عليه ما يقارب 30 ألف توقيع، واستقبلنا السفارة الفلسطينية في أكثر من مرة، وكنا ندعم الموقف المصري بشدة.
كيف بدأت فكرة تنسيقية شباب الأحزاب؟
لم يكن التدشين الذي تم في 2018 هي المرة الأولى لبداية الفكرة، ولكن كان هناك محاولات قبلها في 2016، ونفس المجموعة كانت جزءًا من جبهة الإنقاذ المتواجدة في 2012، وبعد ثورة 30 يونيو تجمعنا ضدَّ الإخوان وسعينا لنكون في تجمع واحد لكي نستكمل بناء الدولة المصرية.
وفي مؤتمر الشباب بشرم الشيخ وجهت دعوة من الرئاسة لأول مرة إلى تنسيقية شباب الأحزاب، وبعدها كان هناك تواصل مع رئاسة الوزراء في عدد من الملفات بعدما طالب الرئيس بدراستها، وسعينا في إثبات وجود شباب قادر على التفكير.
ولم تكن التجربة ناضجة بما يكفي في 2016 بسبب وجود أولويات مثل حرب الإرهاب وغيرها، وأعدنا المحاولة مرة أخرى في 2018 وكانت أكثر تنظيمًا، وتمت بشكل مؤسسي مختلف، وشاركنا في العديد من مؤتمرات الشباب لمنح فرصة للشباب، ونتج عن هذه المشاركات اختيار عدد من أعضاء التنسيقية إلى المناصب التنفيذية، ونعتبر أن القدرة على إيجاد مساحات مشتركة بين كل المختلفين وتمثيل كل التوجهات المؤيدة والمعارضة هو أهم عوامل نجاحنا.
بدأت التنسيقية بـ 19 فردًا وأصبحنا الآن 410 عضو في تنسيقية شباب الأحزاب، وسيتم فتح عضويات جديدة، ولنا 48 نائب حاليًا، 16 نائب في مجلس الشيوخ، و32 نائبًا في البرلمان، و6 نواب محافظين، وعدد آخر في العديد من الوزارات ونفخر بعضويتهم جميعًا.
كيف يتم الانضمام إلى تنسيقية الشباب والأحزاب؟
يتم عن طريق الأحزاب، حيث تقوم بترشيح بعض أعضائها واختبارهم في المعرفة السياسية والمعلومات العامة، في ملف هم الذين يقومون باختياره، وتوجد لجنة مختصة في تقييم ذلك، ويكون العضو الجديد تحت التدريب لمدة عام كامل في العديد من المواضيع التي لا توجد عند الكثير، حتى يستطيع الانضمام إلينا، ويكون مؤثرًا وقادر على المناقشة، وغير الحزبيين كذلك يتقدمون بشكل مباشر بعد ان يجتازوا عدد من التقييمات.
هل ترين أننا نعيش الآن على أعتاب انفراجة سياسية وحقوقية كبيرة؟
الدولة بعد 30 يونيو كانت تحتاج إلى أجندة أولويات، وفتح المجال العام لم يكن على رأس أولويات الدولة في هذه الفترة، حيث إنه كان هناك أولويات أخرى حازت محل اهتمام الدولة، وبالنسبة لنا كسياسيين هذا الأمر كان غير مرضي، ولذلك كنا نطالب بفتح المجال العام طَوال الوقت، وعندما تمكنت الدولة من تحقيق الاستقرار الأمني واستعادت جميع المؤسسات عافيتها، بدأت التنمية السياسية تظهر كأحد أولويات المرحلة، وخاصة مع دعوة الرئيس السيسي للحوار الوطني في إفطار الأسرة المصرية.
والحوار كان في بداية الأمر سياسي ثم تحول إلى حوار وطني؛ وذلك يرجع إلى أن هناك عددًا كبير من أطياف المجتمع المصري لا تهتم بالسياسة، فيوجد ملفات أخرى يهتم بها الشعب مثل مشاكل المرأة، والشباب، وذوي الهمم، ومشاكل المستثمرين، وهذا ما ناقشه الحوار الوطني.
وهذه كانت بداية الانفراجة من وجهة نظري، خاصة وأننا رأينا أشخاص لم نكن نتوقع وجودهم، وما يقال في الحوار الوطني لا يقال تحت قبة البرلمان، وذلك ليس بسبب القيود ولكن بسبب الأريحية في الحديث، وكان هناك العديد من التشككات في الحوار لكنه نجح في النهاية، لانه قائم بالاساس على المصلحة الوطنية.
ما أبرز ما قُدم في ملف المفرج عنهم بعد تشكيل لجنة خاصة لهم بالتنسيقية؟
اللجنة شكلت في سبتمبر 2022، ولنا دور كبير في لجنة العفو، فهناك عضوين من التنسيقية متواجدين داخل لجنة العفو، وكان لهم دور كبير في اللجنة وبدأنا نفكر في ماذا بعد الإفراج، فمن المؤكد أنهم يواجهون مشاكل في دمجهم داخل المجتمع مرة أخرى، ونسعى إلى مساعدتهم في الدمج سواء الاقتصادي أو الاجتماعي، لأن عددًا كبيرًا منهم يواجه مشاكل مع الأهل ومشاكل في العمل ومشاكل صحية، وتابعنا حوالي 76 من المفرج عنهم في محافظات متفرقة، ووفرنا 26 فرصة عمل، وقمنا بحل مشاكل عائلية ومشاكل صحية، وأهمهم كان الدعم النفسي لهم.
هل تقدمون أسماءً إلى لجنة العفو الرئاسي؟
يتم تقديم الطلبات لنا ونقوم بإحالتها إلى زملائنا، وتتم دراستها ونكون سعداء في حالة العفو عنهم.
كيف تتعامل تنسيقية شباب الأحزاب مع الرؤى المختلفة للقضايا بداخلها؟
كل الآراء تتواجد داخل تنسيقية شباب الأحزاب، فعلى سبيل المثال قضية التعديلات الدستورية كان معظم المكون العام للتنسيقية مؤيد لها، إلا أن الأصل هو التوافق على مساحة مشتركة فكانت الدعوة للمشاركة وإتاحة الفرصة للجميع التعبير عن موقفهم بمساحات متكافئة، لنعزز المشاركة الايجابية بعيدًا عن المقاطعات، وفخورين أن عودة السياسة للجامعات كانت بمؤتمرات نظمتها تنسيقية شباب الأحزاب لدعوة شباب الجامعات للمشاركة بآرائهم سواء الموافقة أو الرفض، ونتمنى أن نستمر في قدرتنا على ادارة الاختلاف الأيديولوجي والتوجهات السياسية بنجاح داخل التنسيقية.
هل من الوارد أن تتحول تنسيقية شباب الأحزاب إلى حزب سياسي؟
بالتأكيد لن يحدث ذلك، لأنها تضم الأيديولوجيات المختلفة، والحزب يجب أن يقوم على أيديولوجية واحدة ومدرسة فكرية واحدة، لكننا في التنسيقية هدفنا التوافق على الموقف الأنسب والحل الأفضل، وتكون هذه الحلول متداخلة بين اليمين واليسار، والتنسيقية تسعى لتدريب وتنمية كوادر الأحزاب، وجميعهم أصبحوا الآن في مناصب قيادية داخل أحزابهم، ويوجد أعضاء مستقلين انضموا لأحزاب سياسية، ويوجد من تحرك من حزب لآخر بعد أن اكتسب القدره على تصنيف أفكاره وتحديث اختياراته.
ما تقييمكِ لأداء الحكومة.. وهل تحتاج للتغيير؟
يتم اختيار الحكومات بناءً على أولويات المرحلة، فهذه الحكومة تم اختيارها حسب أولويات مرحلتها، وبالتأكيد نحتاج إلى تغيير الحكومة، ونعاني من مشكلة كبيرة هي الفارق الكبير بين الواقع والمأمول، وهذه مشكلة أزلية لن تتغير بتغير الحكومات، وما يمكن أن يغير ذلك هو العمل على رفع كفاءة ومهارات المستويات الأدني داخل الجهاز الإداري والتنفيذي.