ألقى الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، الكلمة الافتتاحية في فعاليات مؤتمر “بورتفوليو إيجيبت السابع” الذي جاء هذا العام تحت شعار “البورصات العربية.. تنافس أم تكامل؟”، بمشاركة عدد من كبار المسؤولين، من بينهم الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بتمويل خطة 2030 للتنمية المستدامة، وأحمد كجوك، وزير المالية، وأحمد الشيخ، رئيس البورصة المصرية، ورامي الدكاني، الأمين العام لاتحاد أسواق المال العربية.
في كلمته، شدد الدكتور محمد فريد على الدور الحيوي الذي تلعبه البورصات في تعبئة المدخرات الوطنية وتوجيهها بكفاءة إلى المشروعات الاستثمارية، بما يعزز من مستويات الادخار القومي، ويدعم القطاعات الاقتصادية والإنتاجية المختلفة، مما يسهم في زيادة فرص التوظيف والتشغيل.
كما أكد على أن البورصات، بما تمتلكه من تقنيات تكنولوجية متقدمة وتشريعات مرنة، قادرة على دعم جهود الحكومات لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
التكامل العربي لمواجهة التحديات
أشار الدكتور فريد إلى أن النجاح المنفرد في ظل الاضطرابات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة بات أمراً بالغ الصعوبة، مؤكدًا أن التكامل بين البورصات العربية هو السبيل الأمثل لتجاوز التحديات الراهنة، وتشكيل مستقبل اقتصادي مزدهر يفيد جميع الدول العربية.
وأوضح أن التكامل بين البورصات من شأنه أن يعزز الوزن النسبي لأسواق المال العربية في المؤشرات الدولية، التي تعتبرها صناديق الاستثمار العالمية معيارًا لتوجيه رؤوس أموالها.
وأشار رئيس الهيئة إلى أن الحوار بشأن توحيد الأطر التشريعية والتنظيمية والتنفيذية الخاصة بأسواق الكربون بات أمراً ملحاً في الوقت الحالي، لتجاوز صعوبات فاعلية تلك الأسواق، وزيادة تأثيرها في دعم النمو المستدام.
كما استعرض الدكتور فريد أجندة الإصلاحات التي تعمل عليها الهيئة، والتي تتضمن سياسات تعزز من دور البورصات في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة من خلال استخدام التكنولوجيا المالية وأدوات الذكاء الاصطناعي.
تطوير أدوات تمويل مبتكرة
أكد الدكتور فريد على أن تطوير أدوات وحلول تمويل مبتكرة يزيد من مساهمة البورصات في النمو الاقتصادي، كما يعزز مستويات الادخار اللازم للاستثمار، الذي يُعد مطلباً أساسياً لتحقيق معدلات أعلى من التشغيل والتوظيف.
وشدد على أهمية وجود رؤية واضحة وموحدة بين البورصات العربية لمواجهة التحديات، لزيادة فرص منافستها عالمياً، مؤكداً أن البورصات يمكن أن تكون مرآة حقيقية للاقتصادات إذا مثلت الشركات الموجودة بكل القطاعات الاقتصادية بشكل كافٍ ضمن الشركات المقيدة لديها.
التكامل والتنافس في أسواق المال العربية
أوضح الدكتور فريد أن هناك نوعين من العلاقات بين البورصات العربية في الوقت الحالي، وهما: “التكامل غير المقصود” و”التنافس المقصود”.
فالتكامل غير المقصود يظهر من خلال محاولات كل سوق تطوير ذاته بشكل دوري لزيادة حجم السوق بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، في حين أن التنافس المقصود يأتي من سعي البورصات لجذب المزيد من الشركات للقيد من خلال تخفيض تكاليف الإدراج وتحفيز الشركات للطرح في السوق.
وأضاف أن تأسيس سوق مشترك للبورصات العربية قد يكون من أهم خطوات التكامل، على الرغم من أن الفكرة تواجه تحديات عديدة منذ طرحها في عام 2004، حيث يتطلب هذا الأمر تنسيقاً واسع النطاق للتشريعات والقواعد والأنظمة المنظمة لعمليات تداول الأوراق المالية.
الدكتور فريد أكد على وجود فرص حالية لتعاون عربي مشترك قد ينتج في النهاية سوقاً مشتركاً للبورصات العربية، لافتًا إلى إمكانية البدء بتنسيق قواعد محددة واستخدام أنظمة تكنولوجية مساندة لأنظمة التداول الموجودة.
فرص التعاون في أسواق الكربون
لفت الدكتور فريد إلى أن مجال أسواق الكربون يمثل فرصة للتعاون بين البورصات العربية في ظل المتطلبات العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية، مشيراً إلى أن مصر أطلقت في أغسطس الماضي أول سوق كربون طوعي منظم في مصر وأفريقيا، تحت رقابة الجهات المختصة بأسواق المال، وهو ما يمكن أن يكون نموذجاً للاستفادة من التجربة المصرية في هذا المجال.
اجتماع مع رؤساء البورصات العربية
في ختام المؤتمر، عقد الدكتور محمد فريد اجتماعاً مع رؤساء البورصات العربية المشاركين، لمناقشة فرص التعاون المشترك، وهم: السيد عبدالله النعيمي، الرئيس التنفيذي لمجموعة سوق أبوظبي للأوراق المالية، والسيد عبدالعزيز العمادي، رئيس اتحاد أسواق المال العربية والرئيس التنفيذي بالوكالة لبورصة قطر، والسيد مازن الوظائفي، الرئيس التنفيذي لبورصة عمان – الأردن، والسيد أحمد الشيخ، رئيس البورصة المصرية، والسيد رامي الدكاني، الأمين العام لاتحاد أسواق المال العربية، وذلك بحضور الدكتور محمود محيي الدين.
خلال الاجتماع، تم التأكيد على أهمية العمل المشترك لتطوير البنية التحتية التنظيمية والتكنولوجية لأسواق المال العربية، وتوحيد الجهود لتحقيق تكامل أكبر، مما يدعم القدرة التنافسية للأسواق العربية على المستوى الدولي، ويعزز من فرص الاستثمار والتوظيف والنمو الاقتصادي المستدام.