يستعد الشاعر عبد الرحمن مقلد لإصدار ديوانه الأحدث “رأى وتكلم”، وهو الديوان الخامس في مسيرة الشاعر الفائز بجائزة الدولة التشجيعية عام 2018.
رأى وتكلم
ديوان “رأى وتكلم”، حسبما يفصح مقلد لـ «الحرية»: يتكون من 3 قصائد طويلة، أولاها قصيدة “السفينة” وهي عن رحلة رأس سيدنا الحسين الشريف من عسقلان إلى مصر، وتتقاطع فيها 3 مسيرات لسيدنا الحسين، أولاها هنا مسيرة رأسه من مدينة عسقلان المحتلة إلى القاهرة الزاهية في زمن الفاطميين، مع حملات الصليبيين على المشرق، ثانيةً هذه المسيرات، مسيرته المعروفة من مكة إلى الكوفة، عبر نينوى، ومقتله في كربلاء، والمسيرة الثالثة هي رحلة السفينة الحسينية المعروفة التي تحمل الروح العظمى وترحل في اللجج الغامرة ترجو الوصول لشطوط النجاة.
القصيدة الثانية هي قصيدة “مولد للأمومة”، وهي توسلات واستحضار لدور الأم، يقف الناس على أعتاب السيدة زينب، سليلة آل البيت، ويبدأون في مدائحهم حتى تقوم الأم إيزيس، وتنقذ وليدها حورس بعد مقتل أوزيريس، إلى أن تقوم الأم مريم وتنظر فيما فعلوا بمسيحها، وتقوم أم موسى لترضع ابنها، لتقوم مصر الأم، حتى تنبض الأرض الجامحة مرة أخرى وتقبل الماء وتنبت وتعود الطبيعة أمنا الأولى، وهي تحية لكل أم مصرية مات زوجها فحملت هي العبء وربت وعملت وأخرجت رجالاً ونساء.
القصيدة الثالثة هي قصيدة “نهضة مصر” وهنا يعود الحكيم المصري هرمس مثلث العظمة، ويعود سيدنا الخضر، معا حاملين إرث تحوت العظيم الممثل بالطائر أبو منجل، رب الحكمة والمعرفة أول من علم القراءة والكتابة والحساب، هؤلاء يعودون لمصر الحالية في رعاية الرب الكامل “آتوم”، في مهمة عظمية لاستعادة معنى وجوهر روح مصر، ليرى حال البلاد، ويبكون عليها، ويصرخون لما وصلت إليه، وبالاستعانة بالنبواءات الهرمسية المعروفة التي تحذر من انهيار مصر، وبالمتون التي أخفاها هرمس لقرون، يمكن أن تعيد الحكمة بناء ما تهدم، وتستعيد روح مصر المهدورة على الطرقات.
القيثارة الهائلة
فيما أكد مقلد عبر صفحته الشخصية على “فيس بوك”، إيمانه بأن الشعر هو القيثارة الهائلة التي لا تزال تنشد في يد الدهر على مقولتي هوميروس والمتنبي الخالدتين، وذلك عرفانا بقدرة الشعر على الصدح بصوت الإنسان
واعتبر الشاعر ديوانه هذه المرة مغامرة، فكما يقول فإنه أحب أن يفارق صورة الشعر التي يروج لها الآن، عبر مقولات مثل شعر الهامش، ونصوص المعتاد واليومي وقصيدة الضعف والهشاشة والرخاوة والقضايا العابرة والذاتية المفرطة، وأيضا صورة الشاعر المسكين الهزيل الضعيف الهش، راجياً أن يعود الشعر للقضايا الكبرى، لقوة القصيدة لشموخها، أعود للمتن، للبنايات الكبيرة، للمعمار الهائل، لضراوة الكلام والصدح به، لصورة الشاعر المحارب الجسور. وعد مقلد أن إصدار ديوان يحتوي 3 قصائد طويلة تتجاوز الواحدة منها 3000 كلمة، مغامرة أيضاً في زمن يمل الناس من سطرين أو من صفحة، زمن التدوينات والفيس بوك والصور والشعر السهل والخواطر التى دخلت عنوة في الشعر، هذه هي المغامرة الأولى.
وأشار إلى أن الديوان يشتبك من لحظة آنية مربكة وجوديا وروحيا في زمن مربك باستحضار رمزيات شامخة ولغة معينة ومواضيع وأجواء لم يعتد الشعر العربي على التعامل معها كثيراً، هي غريبة وغير مطروقة، أن تذهب باللغة العربية إلى مصر القديمة مثلا، أن تعيد كتابة أسفار التكوين المصرية ضمن القصيدة، أن تتبع رحلة رأس الحسين في الزمن والمكان، أن تهرب مع إيزيس في البراري وتخوض مع حورس حربه، ورحلة تيهه.
ووفق الشاعر فإن “مصر” محور هذه النصوص، مصر ليس البلد الذي نعيش به فقط، ولكنها هي محور الكون، صورة السماء، البلد الذي علم البشر الروحانية، وقدم لهم الحكمة، وبالتالي فنهضة مصر هي نهضة للكون كله والإنسانية جمعا، وركونها أو خروجها من ركاب الحضارة، لا سمح الله، نكسة للبشرية عموما، رمزية مصر عند كل البشر معروفة بالطبع، وكل الفاهمين يعرفون أهمية هذا البلد وضرورته، ولذا رأى أن الشعر هو الصوت، هو النشيد القادر على الصدح بالخطر المحدق بمعنى مصر، وبغياب معنى مصر وحيثياتها، بل وتدمر هذا المعنى، فإن البشرية تتردى وتسقط، وفي القصائد متسع للتفكيك وإعادة البناء والتذكر والترحال في الزمان والمكان.

الرابط المختصر https://alhorianews.com/tld0