– تزايدت مخاوف تعديل قانون النقابة بعد ما حدث في مشروع «الإجراءات الجنائية»
– بذلنا جهود في ملف المحبوسين ثم انتكسنا بالقبض على صحفيين جدد
– في معركة مشروع «الإجراءات الجنائية» لن يجرنا أحد لمعارك فرعية مع البرلمان.. وخضناها من أجل حقوق الشعب
– لو اختل ميزان العدالة في مصر الجميع سيدفع الثمن
– سندرس فتح باب الانتساب لصحفيين المواقع الإلكترونية بالنقابة خلال الاجتماعات القادمة كحل مؤقت
– من الممكن أن تشهد المنطقة حربا إقليمية في ظل هذا الجنون والتطرف.. ولا أتمنى ذلك
– الموقف العربي ضعيف ومتخاذل.. وهناك مواقف كبرى يمكن اتخذها قبل الوصول لنقطة الحرب
– اغتيال حسن نصر الله أحد حلقات الفجور الإسرائيلي
– رسالتي إلى جميع المسؤولين: نريد صحافة حرة تليق بمصر
– لجنة القيد بذلت قصارى جهدها.. والقواعد الحاكمة والسوق الصحفية غير المنضبطة السبب الرئيسي في الأزمة
– نُعد لائحة جديدة للسلوك المهني لنحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا أحد.. وبدون حرية لا يوجد صحافة
– بداية المؤتمر العام السادس في شهر أكتوبر.. ونضع النقاط النهائية
– أمريكا تشارك في جريمة ما يحدث بغزة.. والرهان على تدخلها لحل الأمور غريب جدا
أجرى الحوار- عصام الشريف
أعده للنشر- سيف رجب وميرنا ثابت
في الانتخابات لم يقم باختياري ما يقرب من نصف صحفيين مصر، بسبب تخوفهم مني، ومن الأداء الذي ممكن أن أقوم به في التعامل مع القضايا المختلفة، ولذلك كان لدي تحديا كبيرا في الموازنة بين مصالح جميع هذه الأطراف باختلاف أفكارهم وتوجهاتهم وآرائهم، دون الإخلال بالدور النقابي، وأعتقد أنني قمت بذلك بقدر كبير.
الكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين، في حوار شامل مع برنامج «ساعة حرة»، في أولى حلقاته، تحدث حول جوانب إنسانية ونقابية وسياسية بصدر مفتوح دون أي تردد أو خوف بأحاديث لا يخشى خلالها في الحق لومة لائم، مؤكدا أنه يطالب جميع المسؤولين بفتح المجال العام حتى نرى صحافة حرة تليق بذلك الوطن، وتكون قادرة على الدفاع عن المواطنين.
تحدث «البلشي» خلال الحوار، عن مستجدات موقف صحفيو المواقع الإلكترونية من النقابة، وموقفه من انتقاد اللجنة التشريعية لمجلس النواب له، وتزايد مخاوف تعديل قانون النقابة، وموعد بدء المؤتمر العام السادس، ومعركة مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
وإلى نص الحوار:
حدثنا عن لحظة إعلان فوزك بمنصب نقيب الصحفيين بعد الظلم الكبير الذي تعرضت له لفترات طويلة؟
أنا لا أشعر بتعرضي للظلم، لأنني كنت أدفع ثمن ما أراه صحيحا، وكنت أعلم أنني في عملي النقابي أو السياسي أو الصحفي من الممكن في بعض الأحيان أن يكون هناك تبعات لما أفعله، ولكن عندما تكون نقابي ممثلا لجماعة صحفية من المهم أن لا تنتقل تبعات ما تفعله بشكل سلبي على الجماعة الصحفية.
ولذلك عندما تم الإعلان عن فوزي بمنصب نقيب الصحفيين، توقفت عن دوري كصحفي، وتنازلت عن رئاسة تحرير موقع «درب»، برغم حبي له بشكل كبير، خاصة أنني قمت بتأسيسه، حتى أتفرغ للعمل النقابي، ولا يؤثر دوري كنقيب على عمل «درب»، ولا يؤثر أيضا ما يُنشر في الموقع على الصحفيين بشكل عام.
ومنذ اللحظة التي تم خلالها إعلان فوزي بمنصب نقيب الصحفيين، كان اختياري هو أن أعمل من أجل الجمعية العمومية بتنوع تركيبتها وآرائها وأفكارها وتحقيق مطالبها بشكل عام.
ويوم إعلان النتيجة كانت الرسالة الحقيقية هي تحقيق رغبة الجمعية العمومية في انتخابات تنافسية، فعلى المستوى الشخصي انتظرت كثيرا حتى يكون هناك انتخابات تنافسية، ثم أعلنت ترشحي ببرنامج واضح من أجل انتخابات حقيقية.
وعندما رأت الجمعية العمومية أنني الشخص الأنسب والمؤهل للدفاع عنها، كانت هذه اللحظة رسالة مهمة حملتني عبئا كبيرا، حيث إن الجمعية العمومية هي الحكم وصاحبة السلطة العليا، وبناءً على اختيارها كان لابد من أن أكون نقابيا للجميع.
وكان هناك 50% قاموا باختياري، و50% لم يختاروني بسبب تخوفهم مني، ولذلك كان هناك تحدي كبير في الموازنة بين مصالح جميع هذه الأطراف، لتحقيق مطالبهم دون الإخلال بالدور النقابي، لأن ذلك هو الدور الأهم، والذي حاولت أن أقوم به خلال الفترة الماضية.
في تصريح سابق لك ذكرت أنه «لا يوجد جماعة صحفية دون وضع اقتصادي جيد».. ماذا فعلت لتحسين الوضع الاقتصادي للصحفيين؟
تطوير الوضع الاقتصادي للصحفيين ليس مرهون بقرار محدد، ولكن هناك عدة خطوات ستؤدي إلى تحسين أوضاع الصحفيين الاقتصادية، وأهم هذه الخطوات عودة دور النقابة الحقيقي، حتى تستطيع التفاوض من أجل حقوق الصحفيين في أجور عادلة، وذلك مشوار طويل جدا، خاصة في ظل الأزمات التي تعاني منها المهنة والصحافة.
ونحن خضنا معارك كثيرة تتعلق بزيادة البدل، والأجور في بعض المؤسسات، ولكن ستظل المعركة الرئيسية هي عودة هذه المهنة لممارسة دورها الحقيقي، ونحن نتخذ خطوات نحو ذلك الأمر من خلال وجود نقابة قوية، وتغيير القوانين المنظمة من خلال الاستعداد للمؤتمر العام السادس، واستعادة قدرة النقابة على التفاوض.
وأظن أن النقابة استعادت مساحة كبيرة من دورها، وقمنا باتخاذ عدة خطوات لرفع الحد الأدنى، ولكن السوق الصحفية لم يتم إصلاحها حتى الآن.
وأتمنى أن يتم النظر لمهنة الصحافة على أنها صناعة استراتيجية، حيث إن هذه الصناعة مهمة جدا، وذلك يرجع إلى إنها صناعة وعي، ومعركة فلسطين كاشفة عن ذلك بشكل واضح، فالصحفيين الفلسطينيين هم من انتصروا في معركة الوعي، من خلال كشف حقيقة الرواية الفلسطينية مواجهين كل محاولات التزييف.
وكل هذه الأمور مرهونة بأمر واحد فقط، وهو الإدراك الحقيقي لأهمية تحرير الصحافة، ووجود أصوات وآراء مختلفة، ووجود صحافة حقيقية تعبر عن جميع أطراف المجتمع، وهدفها الرئيسي هو خدمة الوطن.
ما رأيك في تعامل الإعلام الدولي وتغطيته للقضية الفلسطينية؟
في البداية كانت تغطية معيبة جدا، وتم ارتكاب جريمة مهنية، من خلال تزييف الحقائق وتغييرها، ولكن بصمود الفلسطينيين، وبإرادة الصحفيين الفلسطينين، تغيرت الصورة، وأصبحت بعض وسائل الإعلام الغربية تحاول نقل صورة مختلفة عما كانت عليه، وربما أصبح هناك بعض الوسائل الغربية أفضل بكثير من العربية.
كيف شهدت اغتيال الكيان الصهيوني لحسن نصر الله؟
اغتيال حسن نصر الله حلقة من حلقات الفجور الإسرائيلي، ففي ظل التواطؤ الكبير انتقل العدو الصهيوني من غزة إلى الضفة الغربية ثم انتقلت إلى لبنان، وهذه رسالة خطر كبيرة يجب أن نتوقف أمامها، فالقضية ليست فقط اغتيال فرد بعينه، ولكن القضية هي سيطرة منهج القوة والعنف والإرهاب الذي يمارسوا الكيان الصهيوني.
وفي ظل وجود حالة كبيرة من التواطؤ الدولي، البعض يراهن على من يشارك في هذه الجريمة، فالرهان على أمريكا رهان غريب جدا، حيث إن أمريكا تشارك في هذه الجريمة بالسلاح والأموال والدعم غير المنقطع، ولذلك لا أتفهم مراهنة البعض على أن أحد المشاركين الرئيسيين في الجريمة هي من ستقوم بإنهائها وحل الموقف.
هل من الممكن أن تشهد المنطقة حرب إقليمية؟
في ظل هذا الجنون والتطرف من الممكن أن يحدث أي شيء، وأنا لا أتمنى ذلك، ولكننا أمام جماعة من أحط جماعات اليمين المتطرفة.
ما تقييمك للموقف العربي في التعامل مع ما يحدث؟
الموقف العربي ضعيف، ومتخاذل، وكنا نتمنى اتخاذ خطوات أوسع وذلك لا يعني الحرب، ولكن هناك خطوات كثيرة يمكن اتخذها قبل الوصول إلى نقطة الحرب.
هل ترى أن سلاح المقاطعة مهم ويؤثر على العدو الصهيونى؟
أي رسالة ترسلها الشعوب مهمة، فالمقاطعة تمثل وسيلة الشعوب في التعبير عن رفضها لما يحدث في غزة، من خلال وقف التعامل تجاريا مع الشركات التي تدعم الكيان الصهيوني، ولكن الشعب يحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير، ومحاولة كبت الشعب ومنعه من الإعلان عن مشاعره وتضامنه سيكون أمر نتائجه غير جيدة.
ما تعليقك على انتقاد اللجنة التشريعية لحديثك في المؤتمر الصحفي الخاص بإعلان النقابة عن موقفها من مشروع قانون الإجراءات الجنائية؟
تعاملت مع ذلك الأمر بأننا لدينا معركة رئيسية ولم ننجر إلى معركة فرعية، فالمعركة الرئيسية هي معركة قانون الإجراءات الجنائية، وهذه المعركة لم نخوضها بسبب وجود ناصين يتعارضون مع العمل الصحفي، ولكننا خضناها من أجل نصوص عديدة تتعلق بحقوق المواطنين.
وخضناها أيضا من أجل أن ذلك القانون الذي يمثل دستور نظام العدالة في الدولة المصرية، والذي إذا أصابه خلل فإن الثقة في نظام العدالة ستختل والجميع سيدفع الثمن.
أزمة مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. هل البقاء على القانون الحالي هو الحل الأنسب؟
مشروع القانون الجديد إذا لن يتم تعديله في إطار حقوق أوسع للمواطنين فالأفضل البقاء على القانون الحالي، وإذا جاء هذا المشروع لتعديل قانون الحبس الاحتياطي حتى يتم الإفراج عن المحبوسين احتياطيا فمن الأولى تطبيق نصوص القانون الحالي، حيث إنه هناك 23 صحفي محبوس احتياطيا إذا طبقنا القانون الحالي بشكل سليم سيتم الإفراج عن 16 صحفي غدا.
فتطبيق نصوص القانون الحالي بشكل سليم يوضح وجود إرادة حقيقية في اتخاذ خطوات إلى الأمام، ومن المؤكد أننا مرحبين بتعديل القانون لما هو أفضل ولكن بشرط أن يتم التعديل لإقرار الحقوق وليس للتراجع وإدخال نصوص تخدم فئة على حساب الأخرى.
كيف ترى أزمة القيد التي حدثت الفترة الأخيرة؟
في البداية يجب العلم بأن اللجوء للتحكيم دائما يجعل هناك طرفين طرف سعيد وآخر حزين، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل اللجنة الحالية قصرت؟، والإجابة أنها حتى لو قصرت فذلك التقصير يأتي في إطار التقصير الإنساني الطبيعي.
ولكن الحقيقة أن هذه اللجنة بذلك قصارى جهدها، واستطال الأمر إلى شهور عديدة حتى يتم مراجعة الملفات، وإدخال البعض لوضع قواعد للتدريب داخل مركز التدريب، وفي وضع تقييم للمركز، ثم وجود لجان معاونة من الجمعية العمومية للتقييم، وأمور أخرى، وبعد كل ذلك من الممكن أن يحدث خطأ.
وأرى أن السبب ليس في اللجنة، ولكن في القواعد الحاكمة للجنة، والسوق الصحفية غير المنضبطة، حيث إننا لدينا شكاوى متعددة بأن هناك من يدفع أموال حتى يلتحق بالنقابة، ولذلك دعينا لتطوير لائحة القيد، وطرحنا فكرة الشمول المالي، حتى يكون هناك إثبات أن الشخص يحصل أجر مثبت بنكيا.
وماذا عن صحفيين المواقع الإلكترونية؟
أصبح هناك مخاوف كثيرة من تعديل قانون النقابة بعد ما حدث في مشروع قانون الإجراءات الجنائية، ولكن ذلك لا يمنع أننا سنفكر طوال الوقت في ذلك، وسنضع القواعد التي تحميه، وأول هذه القواعد هو تواجد الجمعية العمومية أثناء التعديل، وأن يتم تعديل نصوص بعينها وليس كل القانون.
وسيظل هناك تخوف بأن نقوم بإدخال نص إيجابي، وأمامه عشرات النصوص السلبية، وذلك التخوف أصبح واقعي بعدما حدث في مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
وحول قيد صحفيين المواقع الإلكترونية، فلماذا لا يكن فتح باب الانتساب حل مؤقت وخطوة أولى، وأظن أن ذلك الأمر سيطرح على مجلس النقابة خلال اجتماعاته القادمة.
فتفعيل نص الانتساب في القانون سيضمن حماية نقابية لعدد كبير من ممارسي هذه المهنة حتى لو لم يكتسبوا العضوية الكاملة، فالانتساب حل مرحلي لحين الوصول إلى حل جذري لذلك الأمر.
كيف ترى مستقبل الصحافة الورقية في ظل التراجع الذي شهدته خلال الفترة الماضية؟
مستقبل الصحافة بشكل عام مرهون بالحرية، فنحن لم نحكم على المحتوى دون وجود مساحة حرة تتيح للصحفيين التعبير عن ما يرونه صحيحا، وأنا أزعم أننا إذا لدينا صحافة تلبي احتياجات المواطن، وتباع بسعر العادل، ستقوم الناس بشرائها.
متى سيبدء المؤتمر العام السادس للنقابة؟
موعد بداية المؤتمر العام اقترب، وفي تقديري أنه خلال شهر أكتوبر سيتم المؤتمر العام، ونحن نضع النقاط النهائية في جلساته، وأصبح لدينا تصور من خلال المناقشات التي جرت خلال الفترة الماضية لما سيطرح، فعلى مستوى الحريات نحن لدينا حديث واضح حول ملف الحبس، وهناك مشروع قانون يتم الإعداد له ورسم ملامحه النهائية لمنع العقوبات السالبة للحريات في قضايا النشر.
وهناك تعديلات واضحة على القوانين الحاكمة للإعلام، وهناك لائحة قيد يتم مناقشتها، وسيتم أيضا عرض لائحة سلوك مهني حتى نستطيع محاسبة أنفسنا، وهناك لائحة أيضا لضبط قواعد العمل داخل المؤسسات، تشمل بيئة عمل آمنه لكل الأطراف.
وسيكون هناك جلسات لمستقبل الصحافة الورقية، وتطوير عمل المؤسسات اقتصاديا، وانتساب صحفيين المواقع الإلكترونية للنقابة، وأجور الصحفيين وطريقة التعامل معهم، وزيادة البدل، ودخل النقابة بشكل عام، وسيكون هناك نقاشات حول الذكاء الاصطناعي والتطور المهني.
وماذا عن ملف الصحفيين المحبوسين؟
ملف الصحفيين المحبوسين أحد الملفات الرئيسية بالنسبة لي، وخلال السنة الأولى من عمر مجلس النقابة كان هناك تطور إيجابي في ذلك الملف، وتم الإفراج عن عدد من الصحفيين المحبوسين، ونجحنا في وقف ظاهرة دخول صحفيين جدد.
ولكن خلال الفترة الماضية حدث انتكاسة، وتم القبض على عدد من الزملاء، ومقارنة بالعام الأول نحن نتراجع رغم ما حققناه في ذلك الملف، ونتمنى أن يتوقف ذلك التراجع وأن نستعيد ما كنا عليه، وننهي ذلك الملف المؤلم.
ما الحلم الذي تتمنى تحقيقه لنقابة الصحفيين؟
أن تستعيد هذه النقابة دورها الحقيقي في التعبيرعن الجميع، وأن تخوض معركة تحرير هذه المهنة، والنقابة ستظل قوية بجمعيتها العمومية، ولذلك نعمل على استعادة الجمعية العمومية داخل النقابة، لتكون قادرة على إدارة نقابتها بما يلائم مصالحها وقدرتها وقوتها.
هل ستخوض الانتخابات القادمة بشكل فردي أم ستشارك بقائمة؟
ذلك الأمر سابق لأوانه، فأنا ما أفكر فيه الآن هو تحقيق أكبر قدر من الوعود للجمعية العمومية، وما أتمناه فقط هو أن تظل هناك انتخابات تنافسية تعبر خلالها الجمعية العمومية عن ما تريده.
ما هي رسالتك إلى رئيس الجمهورية؟
رسالتي لكل المسؤولين نريد صحافة حرة تليق بذلك الوطن، وتكون قادرة على الدفاع عن المواطنين.