نظم مشروع “حلول للسياسات البديلة” التابع للجامعة الأمريكية بالقاهر الأحد الماضي 10 نوفمبر 2024، لقاء مفتوحًا حول نتائج الانتخابات الأمريكية وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط.
وحل الدكتور بول سالم نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، ضيفا على اللقاء، الذي أدارته الدكتورة رباب المهدي، أستاذة العلوم السياسية المشاركة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ومديرة مشروع “حلول للسياسات البديلة”.
وشهد اللقاء، الذي جاء مع نهاية ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حضورا كثيفا من الباحثين الأكاديميين والمهتمين بالسياسة الدولية؛ حيث امتلأت القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية.
وناقش اللقاء، نتائج الانتخابات الأمريكية وسياسة الإدارة الجديدة تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وطرح تساؤلات حول دور المؤثرين الإقليميين بما في ذلك دول الخليج، في صياغة هذه السياسة وما إذا كان من الممكن تعديل هذه السياسة في ظل التطورات الأخيرة.
وخلال حديثه، قال الدكتور بول سالم، إن تصاعد العنف في غزة والتوترات المتزايدة مع إيران دفع الولايات المتحدة إلى إعادة ترتيب أولوياتها، واضعةً الشرق الأوسط على رأس قائمة اهتمامها لافتا إلى أن المصلحة الرئيسية لأمريكا هى الطاقة وعلاقتها بدول الخليج تتمحور حول النفط والغاز بينما تتمثل المصلحة الثانية للولايات المتحدة الأمريكية في المصالح الاقتصادية فيما يتعلق بمستوى المشتريات من جانب دول الخليج وهو ما يعني خلق مزيد من الوظائف في أمريكا.
وأوضح سالم أن الولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على مفاتيح التجارة الدولية حاليا خاصة بمنطقة الشرق الأوسط التي تتمتع بحيوية بالغة لافتا إلى أن كلا الحزبين سواء الديمقراطي أو الجمهوري لديهم التزام تجاه أمن إسرائيل لحمايتها مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى قوة اللوبي اليهودي في أمريكا؛ إذ يلعب دورا كبيرا في صياغة وتوجيه السياسة الأمريكية مشددا على أن الالتزام الأمريكي تجاه أمن إسرائيل قديم وعميق منذ الستينيات خاصة الماكينة الإعلامية للوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل.
وأشار سالم، إلى التغيرات التي طرأت مؤخرا على المشهد السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أن هناك تحولا ملحوظا في مواقف الشباب الأمريكيين، حيث يظهر تعاطفا واضحا متزايدا من الجيل الأمريكي الجديد مع القضية الفلسطينية.
– دور كبير للناخب العربي في حسم بعض الولايات
وتابع سالم، أن الجاليات العربية في الولايات المتحدة أظهرت نفوذها في الانتخابات الأخيرة، وكان للناخب العربي دورا كبيرا في حسم بعض الولايات، منها على سبيل المثال ولاية ميتشجان.
وواصل سالم بأن فوز ترامب يعد مؤشرا على توجه النظام العالمي، الذي بات يعتمد على أقطاب كل منها تعنيه مصلحته الخاصة.
وشدد على ضرورة عدم اتكال قيادات الدول العربية على الأطراف الخارجية لحل مشكلات المنطقة، فقد يكون للقوى العالمية كأمريكا والصين دور في الحل؛ لكن التحرك والجهد الداخلي للدول العربية يبقى له الدور والأهمية الأكبر.
– السياسات العالمية تجاه الشرق الأوسط
وتناول سالم، جهود الولايات المتحدة في الحفاظ على علاقتها القوية مع المملكة العربية السعودية، مؤكدا أن واشنطن تنظر إلى الرياض كحليف استراتيجي مهم في المنطقة، وتسعى جاهدة لضمان استمرار هذه العلاقة، خاصة في ضوء التحديات الإقليمية المتزايدة.
وأوضح رؤيته حول السياسات العالمية تجاه منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الصين تسلك نهجا مختلفا في تعاملها مع المنطقة؛ فسياسة الصين في الشرق الأوسط لا تتعارض بشكل مباشر مع سياسة الولايات المتحدة، حيث تدرك بكين صعوبة تواجدها العسكري أو الاستراتيجي في المنطقة، وتسعى بشكل أساسي لتعزيز مصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسط.
– ترامب علاقته ليست الأفضل مع نتنياهو
وفي سياق الحديث عن الشرق الأوسط ومستقبله، لفت سالم إلى أن ترامب علاقته ليست الأفضل مع نتنياهو، وقد يسعى لعقد صفقة مع إيران، تماشيا مع شعاره المستمر بأنه رجل الصفقات منوها بأن ترامب لديه نزعة إنعزالية تركز على الداخل الأمريكي فضلا عن أنه شخصية قاسية في ذات الوقت.
وتطرق سالم إلى تأثير اللوبي الإسرائيلي في السياسة الأمريكية، مشددا على أن قوته لا تكمن فقط في عدد الناخبين بل في التمويل الكبير الذي يحظى به، والذي يقدر بمليارات الدولارات؛ مما يجعله قادرا على التأثير في نتائج الانتخابات والسياسات الحكومية.
وحول سياسة دونالد ترامب تجاه إيران، أوضح أنه كان يركز بالأساس على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، مع الحد من أنشطة ميليشياتها التي قد تهدد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.
– احتمالات التوصل إلى تهدئة باتت ممكنة
وتحدث سالم، عن وجود جهود عربية مكثفة قد تقود إلى وقف إطلاق النار قريبا في غزة، وأن احتمالات التوصل إلى تهدئة باتت ممكنة، مع احتمالية دخول قوات عسكرية متعددة الجنسيات إلى المنطقة.
وأكد نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن الموقف المصري من القضية الفلسطينية صلب وواضح وقوي وصامد بوجه مخطط تهجير الفلسطينين؛ لكنه أبدى تخوفه من تزايد الضغوط على مصر.
وأكد سالم أن العلاقات العربية الأمريكية لا تزال جيدة لافتا إلى أن عودة ترامب للسلطة مؤشرا للعالم كله على وجود نظام عالمي مختلف عن السابق وهو نظام عالمي يتعارض مع التجارة الحرة والنظام العالمي الجديد.
وأوضح سالم أن إسرائيل تنتظر من أمريكا دعمها في ضم أراضي جديدة من المستوطنات بالضفة الغربية إذ يعد ترامب داعم لليمين الإسرائيلي واحتلال إسرائيل لغزة.
– طموح ترامب لعقد اتفاقية بين السعودية وإسرائيل
ونوه سالم بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لديه طموح بعقد اتفاقية بين السعودية وإسرائيل خاصة مع اهتمامه بدول الخليج كما أن الموقف الأمريكي منفتح كذلك لعقد اتفاقية مع إيران.
وحول الدور التركي في المنطقة أكد سالم على أن تركيا تتطلع للعب دور أكبر بعد تراجع الدور الإيراني في المنطقة خاصة تراجع دوره في سوريا والعراق.
كما نوه سالم إلى القضاء على قيادات حزب الله في لبنان بعد التخلص من القيادة التقليدية الممثلة في حسن نصر الله مشيرا إلى أن حزب الله ربما يستطيع بناء قيادات جديدة للحزب خلال الأربعة سنوات المقبلة على الأرجح لافتا إلى أن الوضع في لبنان مأساوي خاصة في الجنوب والبقاع الشمالي وذلك مع نزوح نحو أكثر من مليون و200 ألف شخص في لبنان متوقعا اتفاق الأحزاب في لبنان على انتخاب رئيس جمهورية بعد فراغ المنصب منذ نحو عامين.
ويرى سالم أنه كلما كانت المنطقة العربية مشرذمة ومنقسمة كلما استفادت من ذلك أمريكا وهكذا الصين.
واستبعد سالم أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورا في ملف مياه النيل خاصة قضية سد النهضة كما لا يوجد اهتمام منها بالكارثة السودانية الحاصلة حاليا مشددا على أن ترامب أصبح أكثر فهما للسياسة والشؤون الدولية من السابق وهو يميني مؤيد لإسرائيل ومناوئ لإيران.
يذكر أن بول سالم نائب رئيس معهد الشرق الأوسط بواشنطن ومديره التنفيذي، يهتم بقضايا التغيير السياسي والانتقال والنزاع، وبالعلاقات الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط؛ لذلك عمِل على تأليف وتحرير عدد من الكتب والتقارير.
وقبل انضمامه لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، كان بول المدير المؤسس لمركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت لبنان بين عامي 2006 و2013، كما كان مديرا لمؤسسة فارس الولايات المتحدة، وأسس وأدار المركز اللبناني لدراسات السياسات في لبنان.