دق مسؤولو الأمم المتحدة، في الساعات الأخيرة، أجراس الإنذار، في وجه خطر المجاعة الشديد التي تلاحق قطاع غزة.
ووقف كريستيان ليندماير، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، يعلن في مؤتمر صحفي بعد «مجزرة الطحين» في دوار النابولسي بغزة، أن «طفلا عاشرًا مات من الجوع»، محذرا كذلك من أوبئة تعصف بحياة المحاصرين.
إن الجوع الحاد يسبب الوفاة، والتجويع المتعمد جريمة إبادة ممنهجة، ومن ينجو من المجاعات طبقا لدراسات عدة، يتعرض لأضرار صحية كبيرة في مستقبله، وهو ما يعلمه الكيان الصهيوني المجرم ويستهدفه.
وظهر ذلك بوضوح في شمال غزة، وتلوح بوادره في الجنوب، مع استمرار جنون العظمة الصهيوني، الذي دفع الغزاوية إلى طحن أعلاف الحيوانات -للأسف- والتي نفذت كذلك، وفق تأكيد إسماعيل الثوابتة، مدير الإعلام الحكومي في قطاع غزة، بل إن حرب التجويع طالت الحيوانات وقتلت بعضها في ظل صمت دول «حقوق الحيوان والإنسان»!.
إن وقف العدوان الصهيوني على غزة، سيكون من أهم الأبواب لكسر الحصار ووقف حرب التجويع وخطر المجاعة، ولكن الكيان الصهيوني يضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية، ويماطل لكسب نقاط لم يستطع كسبها في أرض الميدان أمام أبطال المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني الملهم.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة فإن أقوى أداة يمكن استخدامها لإنقاذ الأرواح في مواجهة المجاعة هي «المساعدة الغذائية الطارئة، سواء العينية أو النقدية»، وفي بيانات له أوضح أن هناك ثلاث طرق لنقل المساعدات على مدار نشاطه وهي: البر أو البحر أو عمليات الإنزال الجوي.
وفي خطوة محمودة، نفذت القوات الجوية للأردن ومصر والإمارات وقطر «عملية إنزال جوية مشتركة للمساعدات فوق غزة»، وأعتقد ضرورة استمرار هذه الخطوة الرمزية، وتوسيعها كباب من أبواب وقف المجاعة، ولا ضير إطلاقا أنها بدأت محدودة، فهي بداية ذات دلالة، في ذلك الواقع الأليم، يمكن البناء عليها وتوسيعها وتطويرها.
يقول الإعلامي الفلسطيني حمدان الدحدوح على حسابه على منصة «إكس» قبل ساعات: «الحل الحقيقي للمجاعة في غزة، هو إدخال المساعدات المكدسة أمام البوابة المصرية لمعبر رفح، هناك آلاف الشاحنات تنتظر الدخول من بداية الحرب، كل الجهود لمساعدة أهلنا مشكورة، لكن الإنزال الجوي محدود حتى الآن، وتحاول واشنطن استغلاله لتجميل وجهها».
هذا حل أساسي ومركزي، وكان مضمونه من أهم قرارات القمة العربية الإسلامية المشتركة الطارئة التي عقدت في الرياض، ولكن مهمة فرض إدخال المساعدات تقع على جميع الدول التي شاركت في المؤتمر، لا مهمة القاهرة فقط، التي قالت ما لديها، بخصوص معبر رفح، أكثر من مرة، واتجهت للمشاركة في الانزال الجوي، وبالتالي يجب تقاسم التفكير سريعا بين الدول المعنية في الوسائل الناجزة وأدوات الضغط المناسبة بالتنسيق مع مصر، فالوقوف في ذات المربع من الجدل لا يناسب مرحلة المجاعة اطلاقا.
إن البعض تحدث عن الإغاثة عن طريق البحر، ولم ينفذ حتى الآن، فمثلا في أواخر العام الماضي، أعلنت سفينة «ما في مرمرة» التركية، الاستعداد للإبحار مجددا لكسر الحصار، وطرح نشطاء اردنيون كذلك مبادرة إغاثة أردنية من البحر عبر بوابة الموانئ التركية، وهو ما يمكن أن تقوم به نفس الدول الغربية التي طالبت بالتحقيق في «مجزرة الطحين»، فالعبرة باتت بالأفعال لا بالأقوال.
في سراييفو في العام 1992 وخلال الحصار الصربي الجائر الذي امتد إلى 4 سنوات -بالمناسبة حصار غزة مستمر منذ 16 سنة- ركز السكان المكلومين على زراعة كل شيء وأي شيء وهو ما يجب أن ينتبه له كذلك المتخصصون في الزراعة عبر التوعية و الإدلاء بآرائهم التي تفيد الأمن الغذائي الغزاوي خاصة الصهاينة يريدون إطالة أمد الحصار والابادة، فضلا عن أن طرح البحر من السمك تحت قيد المنع من الصهاينة كذلك فلم يتبقى سوى طرح الأرض.
إن شهر رمضان المعظم والصوم الكبير لدى المسيحيين سيبدأن في توقيت واحد وهو 11 مارس، فهل يمكن أن تتحرك القلوب، بإنسانية وجدية، لوقف العدوان ومخطط الإبادة والمجاعة، وردع جنون عظمة هتلر الثاني «بنيامين نتنياهو»؟.