مع زيادة الاحتقان في العلاقات الأسرية، تزداد التراكمات السلبية، ما يؤدي إلى الصدمات والصدام والافتراق غير الحضاري في أغلب الأوقات، والعكس صحيح، فإن زيادة التراكمات الإيجابية في هذه العلاقات يؤدي إلى السعادة والوفاق.
ويربط استشاري الطب النفسي الدكتور محمد المهدي في مقال له بعنوان “التراكمات في الحياة الزوجية” بين نوع التراكمات وآثارها، فيؤكد أن التراكمات الإيجابية تولد في مناخ ودود وجميل وتعزز مسببات الراحة والأمان والمودة والسعادة في العلاقة، بينما تؤدي التراكمات السلبية إلى تدهور العلاقة، واستدعاء مشاعر سيئة متجددة تصل عند بعض الأزواج إلى أن يشعروا بصداع شديد أو غثيان حين يرون رفقاء العمر، وكأن الارتباط الشرطي -وفق قوله-: “امتد من النفس إلى الجسد وشمل كل نبضة روح وكل خلية جسد”.
إن التراكمات السلبية، تنشأ في أي بيوت تمتلئ بالتسلط سواء من الأب أو الأم تجاه الأبناء، أو من الزوج المتسلط تجاه الزوجة، أو من الزوجة المتسلطة ضد الزوج، أو في أي عائلات ينتشر بها احتقار الحوار داخل كيان العائلة في مقابل احتكار فرد واحد لكل مخرجات الرأي والقرار والحياة، دون أي محاولة للنقاش وتفعيل المشاركة من باقي أفراد العائلة.
إن متواليات التراكمات السلبية نذير هدم البيوت والعلاقات، فهي، كما قال البعض: “تجعل الشخص يقسو رغم لينَ قلبه ويُكابر رغم شدّة حُبه، ولا ترحم بقايا أي حب ولا تعرف عزيزا، وتهدم أي علاقات مهما كانت قوة بدايتها”، كما تزيد، وفق ما يرى المختصون، من التباعد العقابي والسلبية العدوانية، والعنف اللفظي أو الجسدي، ما يؤدي إلى هدم البيت من داخله، والافتراق غير الحضاري.
نحن في حاجة إلى مغادرة مساحات التراكمات السلبية، وتعزيز التراكمات الإيجابية في حياتنا الأسرية والاجتماعية، عبر الوعي المبكر بطرق تجويد العلاقات والمعاملات، والتدريب على التواصل الأسري البناء، الذي يحترم الحقوق والواجبات، ويستطيع الاحتواء، في حضور التغافل الإيجابي والتسامح الواعي، والبيئة الأسرية الإيجابية التي يعلو فيها الحب ولا يعلى عليه.