مع اقتراب شمس شهر رمضان المعظم، من الغروب، تحتاج البيوت والقلوب إلى استخلاص معنى عظيم من السياق الإيماني الروحاني القيمي للشهر الجليل، من أجل توطينه في السياق العام الحياتي، واستشعار أهميته وحتميته ، على كل الجبهات والعلاقات والمعاملات ، وهو معنى الأمان والاطمئنان.
إن هذا المعنى المركب، ركن ركين من أركان جودة الحياة والاستقرار والوفاق، وعمود خيمة لا بديل له لديمومة التعايش والتوافق واجتياز الأيام الصعبة، ونستطيع أن نعرف قيمته أكثر بتدبر أحوال أهلنا وبيوتنا في غزة والضفة والقدس وأراضي 1948 المحتلة ، الذين لهم علينا حق مساعدتهم في استعادته بكل السبل الممكنة.
من المفترض أن يساعد مناخ شهر رمضان الإصلاحي، وبرامجه التغييرية ، كل قلب منيب وضمير حي ، على توطين مرتكزات الأمان والإطمئنان، في مساحاته ، ذلك أن المعنى الأساسي من الشهر الكريم – برأيي – هو قوله تعالى “لعلكم تتقون”، والتقوى بمفهومها الشامل هي جسر تحقيق كل أمان واطمئنان ونبذ كل إرهاب وارعاب.
إن التحفيز الروحاني المتواصل ، الناتج من التلاحم النفسي القلبي العقلي مع معاني كل شعيرة من شعائر الشهر الجليل القائمة على جسر التقوى، يساعد ولاشك على ترسيخ مسار الأمان والإطمئنان ، والذي لن يعود لقلوبنا وبيوتنا إلا بتعزيز حضور الحماية لا العنف، والدعم لا الذم ، والثقة لا الخنق ، والحب لا النكد ، والبناء لا الهدم، والتعاون لا المناكفة، ، والتفاهم لا التشاكس، والتوازن لا الشطط، والتقدير الودود لا الإكراه والجحود ، والتغافل الحكيم لا حب التملك والتدقيق المميت، والاهتمام لا الإهمال والقسوة.
وكل ذلك لن يحدث إلا بإعلاء قيم المودة والرحمة ، والدعم والمساندة، والتعاضد والتكامل، والطبطبة والحنان، والاحترام واللطف، واللين والسهولة، وتقدير الظروف والمتغيرات ، وأداء الحقوق والواجبات ، وتوافق القول والفعل ، والاعتذار عند الخطأ وتحمل المسئولية.
وكما أنه من حقوق دوائرنا الشخصية والاجتماعية والاسرية، اقرار الأمان والاطمئنان في العلاقات والمعاملات، فمن حق أهلنا وأبطالنا في غزة والضفة الغربية والقدس وأراضي 1948 ، سعي الجميع بلا توقف لمناصرتهم مناصرة كاملة غير منقوصة، ولا مشروطة، ولا معلقة بأمور من وراء أمور، حتي يعم الأمان والإطمئنان كل ربوع الأراضي المكلومة، عبر تحقيق الاستقلال الكامل ورحيل المحتل الغاصب.
إذا كان الضمير حيا قابضا على جمر النبل بلا يأس ولا فوبيا، ولا غلق للبصر أو البصيرة، ولا عنادا ولا خلطاً للأوراق، اكتملت شروط نجاح المناصرة للقضية الفلسطينية، وساهمت في استعادة الأمان والاطمئنان في أجواء غزة وكل غزة ، وتحقق للجميع نفس الشعور، في ظل مخططات صهيونية خبيثة تطول الجميع.
الفرصة ممكنة الآن، لتحرير أنفسنا وذواتنا وبيوتنا من أي أفكار أو مشاعر أو سلوكيات تعرقل الأمان والإطمئنان ، كما هي ممكنة تماما لتحرير فلسطين ونصرة غزة، في مواجهة احتلال إرهابي متطرف ، خسر خسائر استراتيجية، لها ما بعدها من تأثيرات ايجابية على أمان واطمئنان المنطقة برمتها، إذا توحدت الجهود على دحره.
فقط علينا مواصلة الجهود على كل الجبهات بقلب أبيض وضمير حي.