لم يكن حادث مقتل الطبيبة الصيدلانية في مدينتي قبل عدة أيام هو الحادث الأول ولن يكون الآخير في سلسلة الجرائم الناتجة عن غطرسة بعض أصحاب النفوذ.
فقبل شهور ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لأحد قاطني الكومبوندات “قطعا من الأثرياء” وهو يصفع موظف أمن بالكومبوند “قطعا من الغلابة” مرات عدة على وجهه بشكل مهين، ومن المفارقات المدهشة أنه كان يحمل في يده الأخري سجادة الصلاة.
سبقت هذه الواقعة واقعة أخرى مشابهة حينما قام الممثل أحمد فلوكس بالاعتداء بالضرب أيضا على موظف أمن في كومبوند آخر
وبعدها واقعة قيام واحد من أصحاب النفوذ أيضا بضرب ممرضي وممرضات مستشفى قويسنا بالكرباج
والجميع يتذكر واقعة مقتل مجموعة من الطلاب في مدينة الشيخ زايد حينما صدمهم ابن راجل الأعمال محمد الهوارى بسيارته وهو مخمور.
فما هي الأسباب النفسية لغطرسة بعض قاطني الكومبوندات وأصحاب النفوذ، هل للموضوع علاقة بالثراء والفلوس الكثيرة، أم بالنفوذ أم انها أمور تتعلق بالتربية والنشأة، هل بعضهم يحتاج لعلاج نفسي، خاصة أن هناك تسريبات من التحقيقات مع قاتل طبيبة مدينتي بأنه قال “انا استحق العقاب لا أعرف كيف فعلت ذلك وكيف قادني الغرور لذلك “
يري الكاتب والمفكر الدكتور عمار على حسن في تغريدة له على تويتر أن قاتل صيدلانية مدينتي تؤكد ما يؤمن به من أن التدليل الزائد عن الحد للأبناء عواقبه وخيمة، بل إنه في أغلب الأحيان يؤدي إلى ما هو أشد سوء من قسوة المعاملة.
فالأخيرة قد تخلق في النفوس تحديا ورغبة في الاستقلالية، أما التدليل ففيه إفساد تام.
التدليل جريمة، والجريمة لا تفيد.
حالة الضابط قاتل زوجة الطبيب تؤكد ما أؤمن به من أن التدليل الزائد عن الحد للأبناء عواقبه وخيمة، بل إنه في أغلب الأحيان يؤدي إلى ما هو أشد سوءا من قسوة المعاملة.
فالأخيرة قد تخلق في النفوس تحديا ورغبة في الاستقلالية، أما التدليل ففيه إفساد تام.
التدليل جريمة، والجريمة لا تفيد.— عمار علي حسن Ammar Ali Hassan (@ammaralihassan) July 7, 2023
أزمة امتلاك سيارة للأشخاص المائلين للعنف
“غياب الاختبارات وعدم وجود الرقابة من الدولة” هكذا فسر الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، العنف والبلطجة التي انتشرت من أصحاب السلطة والنفوذ على المواطنين بشكل كبير في الآونة الأخيرة، مثل جريمة مدينتي وجريمة ضرب الممرضات في مركز قويسنا وغيرها من الجرائم المتعلقة بأصحاب السلطة، ويضيف في تصريحات لـ”الحرية” هذه الغطرسة ترجع لأسباب، منها النشأة غير السوية وتدليل الآباء للأبناء بشكل مفرط، والتي تصل بهم في النهاية إلى مرحلة من النرجسية وحب السيطرة والعنف الزائد تجاه أي شخص، موكدًا أن للدولة دورا كبيرا في تكرار مثل تلك الجرائم، بتفعيل الدور الرقابي، وتفعيل القانون وحماية المجتمع من نفوذ تلك الفئة.
ومن بين أسباب حدوث جريمة مثل جريمة مدينتي، كما يرى أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، هو صغر السن القاتل، والنشأة الخاطئة وتقديس وحب المصريين لدور “السيارة” في حياتهم وخاصة للأشخاص المائلة للعنف التي تجعلهم يرتكبون أبشع الجرائم، بالإضافة لعدم وجود اختبارات نفسية متقدمة للأشخاص المتقدمين للمؤسسات المهمة ،وتابع صادق “هذه الاختبارات لها دور كبير يجعلنا نتفادى مثل تلك الجرائم، وأنه لا بد من إعادة النظر في التنشئة النفسية للطلاب داخل تلك المؤسسات”.
على عكس صادق يرى أستاذ علم النفس ورئيس قسم العلوم الإنسانية بكلية الدراسات والبحوث البيئة جامعة عين شمس، الدكتور أحمد فخري، أن تولي أي شخص لمراكز قيادية وذي حيثية في الدولة لا يتم إلا بعد خضوعه للاختبارات النفسية والقدرات العقلية، حتى يتم التأكد من عدم وجود أي اضطرابات في الشخصية، حتى لا تؤثر عليه أثناء توليه مهام وظيفته، مشيرا في تصريحات لـ”الحرية” أن هناك نسبة 1% أو 2% يحدث لها اضطراب أو بعض الظروف التي غيرت في سماته الشخصية أخرى جعلته شخص عنيف، وهذه الشخصيات خارج سيطرت الآخرين، وتكون أسبابها مجموعة من العوامل، أحيانا مشاكل أسرية أو هشاشة في البناء النفسي والتي تظهر فجأة بسبب موقف أو أزمة مر بها الشخص، فيبدأ يحدث له في المحتوى التفكير والسلوكي والمعرفي والوجداني يحدث له اختلال في الشخصية والجميع معرض لذلك.