ألقت قوات أمن القاهرة، القبض على جزّار، علَّق لحومًا “دبيحه/لحوم الأضاحي” على أحد أعمدة مرفق المونوريل في حي شرق مدينة نصر، في تصرف اعتبره المواطنون غير مسؤول ويدل على “تجاوز” القانون، بعدما اتضح من الصور المتداولة أنه ثقب في العمود لتركيب قاطع حديدي “جنش” لتعليق “الدبيحه”.
وفي صباح اليوم السبت، تداول رواد السوشيال ميديا صورًا لجزار يدعى عبد الحميد سيد علي أحمد صاحب محل “جزارة أبو علي” بشارع عبد القاهر الجرجاوي شرق مدينة نصر حيث قام بتعليق “اللحمة” على أحد أعمدة المونوريل (قطار كهربائي أحادي الخط لنقل الأفراد، قيد الإنشاء في القاهرة الكبرى).
وأثارت الصور المتداولة غضب وتساؤلات عن وجود الحد الأدنى من المتابعة الأمنية للمرافق العامة في الدولة، خاصة المونوريل الذي بحسب التصريحات الحكومية كلف ميزانية الدولة المليارات من الجنيهات في وقت تعاني فيه من أزمة اقتصادية طاحنة يدفع ثمنها المواطنون.
وبحسب الهيئة القومية للأنفاق، فإن تكلفة الكيلو متر الواحد من مشروع المونوريل تكلف الدولة 30 مليون دولار، بحسب ما نشر موقع الشروق في 4 ديسمبر من العام الماضي، وبحسب ما ذكرت اليوم السابع نهاية عام 2021، فإن التكلفة الإجمالية للمشروع تصل إلى 3.5 مليار دولار.
في مقابل هذه التكلفة الضخمة لمشروع المونوريل والمشروعات الشبيهة، تعاني مصر من نسبة تضخم غير مسبوقة ونقص في النقد الأجنبي وتهاوٍ للجنيه وتراجع مريع في مستوى المعيشة، في واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية التي تعصف بمصر والتي جعلت البلاد ثاني بلد مقترض بعد الأرجنتين في قائمة الدول التي طرقت باب صندوق النقد الدولي.
وبالحديث عن المونوريل، وواقعة تعليق الجزار “لحوم الأضاحي” على أحد أعمدته، قال أحمد السيد، يعمل في مجال البرمجيات، عبر صفحته على فيس بوك:” لو الصور دي ما انتشرتش ولا حد كان هياخد باله، ولا حد كان هيتحرك ولا قانون هيتنفذ، وبعد دقايق هنسمع خبر القبض على الجزار بعد ما الصور انتشرت”.
وبالفعل، كان السيد محقًا، فبعد وقت قليل أعلنت وزارة الداخلية بيانًا قال فيه:” عقب رصد تداول منشور مدعوم بصورة عبر عدد من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن قيام جزار بتعليق لحوم على أحد أعمدة مرفق المونوريل بالقاهرة، وبالفحص أمكن تحديد محل الواقعة وتبين حدوثها بدائرة قسم شرطة مدينة نصر أول بمديرية أمن القاهرة، وأن وراء ارتكابها (مالك محل جزارة- سيدة تعمل بذات المحل- 2 جزارين متجولين.. جميعهم مقيمون بالقاهرة).
وتابع البيان: “عقب تقنين الإجراءات تم استهدافهم وأمكن ضبطهم وبمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الواقعة على النحو المشار إليه، وقيامهم باستغلال فترة عيد الأضحى المبارك للعمل كجزارين متجولين واتخاذهم من محل الواقعة مكان لممارسة عملهم.. وتم ضبط الأدوات المستخدمة في أعمال الجزارة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية”.
وانتقلت قوة من رجال الأمن ووزارة الزراعة الطب البيطري إلى مكان الواقعة.
الدكتور إبراهيم صابر نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية، قال للحرية إنه تم تحرير ثلاث محاضر ضدَّ “الجزار” وفق الإجراءات التي اتخذتها محافظة القاهرة ضدَّ الجزار الذي قام بالتعدي على أعمدة المونوريل بحي شرق مدينة نصر وذلك خلال إجازة عيد الأضحى.
وأضاف صابر أنه تم تحرير محاضر “إتلاف ممتلكات عامة ومحضر إشغالات ومحضر ذبح في الشوارع وخارج المجازر العامة”، مؤكدًا أن الأجهزة التنفيذية بالحي قد تحركت فورًا لتحرير المخالفات.
كما أكد اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، أن الأجهزة التنفيذية بحي شرق مدينة نصر قامت بغلق وتشميع محل جزارة أبوعلي بشارع عبد القاهر الجرجاني مع شارع ذاكر حسين بالحي السابع لمخالفته القانون رقم 281 لسنة 1994والقانون رقم 53 لسنة 1966قانون محال الجزارة و مخالفة قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 وقانون النظافة رقم 38 لسنة 1967والذبح خارج السلخانة والمجازر العمومية ولقيامه بالذبح بالطريق العام والتعدي على الممتلكات العامة بإتلافه جزء من عمود المونوريل بشارع ذاكر حسين وتركيب جنش لذبح الأضاحي.
في الوقت الذي استنكر فيه بيان صادر عن الهيئة القومية للأنفاق، هذا السلوك غير المسؤول وغير الحضاري مع أحد مشروعات النقل الجماعي الأخضر الآمنة والنظيفة المستدامة الصديقة للبيئة والتي تنفذها الهيئة القومية للأنفاق لخدمة المواطنين.
وقالت في بيانها: «إنه تم الكشف على العمود ولا توجد به أي أضرار، وقامت باتخاذ كافة الإجراءات القانونية بالتنسيق مع شرطة النقل والمواصلات للقبض على مرتكب هذه الواقعة لينال عقابه القانوني ليكون رادعًا لكل من يرتكب مثل هذه السلوكيات السلبية في التعامل مع وسائل المواصلات العامة التي هي ملك للشعب».
إلا أنه وفق المحاضر التي انتشرت صور منها على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن التكلفة المبدأية التي يتحملها الجزار بسبب تعديه على “العمود” والشارع، وصلت إلى 111 ألف جنيه.
رواد التواصل الاجتماعي من جانب، اتهموا الدولة بالتقصير في متابعة وتأمين المشروعات القومية الكبرى، على اعتبار أن المواطن “المطحون” يحاول استغلال كل شيء من أجل مصلحته الشخصية في وقت اقتصادي عصيب، في حين أشاد جانب آخر بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة تجاه الجزار، وبالغرامة المفروضة عليه والتي وصلت إلى 111 ألف جنيه، على اعتبار أنه تجاوز في حق وطنه وأضرَّ بمشروع كلف الدولة أموالًا طائلة.
وبين الجدل الدائر عن ضغوط الحياة التي يعيشها المواطن، وتلك السلوكيات الخاطئة وعن “المتابعة والتأمين” وعن الغرامة الكبيرة؛ يظل السؤال عالقًا: مَن المسؤول؟.