- شهدت مستشفى طنطا الجامعي، الثلاثاء الماضي، واقعة مروعة، حاول معيد قتل أستاذه بسلاح ناري، لكن لم تخرج الرصاصة، فانهال على رأسه ضربًا بذات السلاح، لكنه نجا في النهاية.
- وانتشرت الفترة الماضية جرائم قتل كثيرة، المتهم فيها نخبة من المتعلمين بدرجات علمية مرتفعة، من بينهم أطباء، آخرها تلك القضية التي أثارت ضجة كبيرة على مواقع السوشيال ميديا بشأن قتل طبيب لأحد زملائه بمنطقة الساحل بشبرا. هل يدعو الأمر لطرح تساؤلات؟ أم يُعد أمرًا عاديًا يحدث داخل كل المجتمعات؟ هل هناك ظاهرة يمكن القياس عليها أم لا يعدو الأمر أكثر من مجرد أقدار وصدف جغرافية وقتية؟
- حادثة ” طبيب الساحل”
- قتل طبيب شاب، زميله بهدف سرقته إذ كان يعلم أن زميله ميسور ماديًا فخطط لقتله بمساعدة محامية تربطهما ببعض علاقة عاطفية انتهت بالزواج العرفي بحسب ما ذكرت المتهمة في التحقيقات. إضافة إلى توريط “المتهم” أحد العاملين معه بعيادته الخاصة للاشتراك في هذه الجريمة بعد أن هدده بإيصالات أمانة. ولا تزال التحقيقات في هذه القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “طبيب الساحل” مستمرة حتى توقيت نشر هذا التقرير.
ولم تكن تلك الواقعة هي الوحيدة من نوعها إذ سبقها قضايا شبيهة في مناطق جغرافية مختلفة، لكنها جميعها بطلها “طبيب”.
مذبحة كفر الشيخ .. طبيب يذبح زوجته وأطفاله
هذه القضية ارتكبها طبيب في العقد الرابع من عمره في لحظة شيطانية قرر قتل زوجته وأبنائه الثلاثة ليتجرد من كافة معاني الأبوة والإنسانية ويتحول إلى وحش بلا قلب، واعترف القاتل بجريمته مبررا أنه وجد رسائل بين زوجته الضحية وشخص أخر ففكر في قتلها وفشلت محاولات عدة في ذلك، إلى أن تمت محاولته الأخيرة وقتل زوجته، وانتهت القضية بتنفيذ حكم الإعدام على الطبيب.
قضية المنصورة.. طبيب أسنان يقتل زوجته الطبيبة بـ 17 طعنة
في العام الماضي وفي ثالث أيام عيد الأضحى المبارك قتل طبيب أسنان (محمود.م) زوجته الطبيبة ياسمين حسن يوسف بـ 17 طعنة بسبب خلافات أسرية بينهما، أمام أبنائهما الثلاثة دون رحمة أو شفقة منه، وانتهت هذه القضية بالمؤبد لهذا الطبيب.
تكرار هذه الحوادث يدفع لطرح سؤال عن واقع “التعليم” ودوره في حياة البشر. كيف يسهم التعليم في الحد من هذه الجرائم؟ وكيف نُفسر تنفيذ هذه الجرائم البشعة على أيدي “أصحاب الشهادات العليا”؟ على أيدي من يمارسون مهنة تحمل الرسالة في قلبها، رسالة إنسانية.
الوعي والثقافة
في هذا الإطار يقول الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي لـ “الحرية” أنه يجب أن نفرق بين مستوى التعليم والمستوى الثقافي، فالمستوى التعليمي مرتبط بالمذاكرة والذكاء، أما المستوى الثقافي مرتبط بدرجة الوعي والاحترام .
وأشار”فرويز” إلى أن هناك الثقافة الدينية والثقافة الاجتماعية والثقافة الأخلاقية ومثل هذه الجرائم لاعلاقة لها بالمستوى التعليمي الذي يعتمد على الحفظ والمذاكرة، فانهيار القيم الاجتماعية بين الزوجين أو الأبناء لا علاقة له بالمستوى التعليمي.
وأوضح استشاري الطب النفسي أن المستوى الثقافي يرتبط بالتربية وأن الوراثة والخبرات الحياتية تنتج شخص مثقف أو غير مثقف، ولا يوجد أي علاقة بين المستوى الثقافي والتعليمي لذلك نشاهد اليوم أساتذة جامعة وأطباء ومهندسين يقدمون على جرائم مختلفة، قتل واختلاس واغتصاب. يضيف:” هؤلاء لم يكن لديهم وعي ديني كاف أو وعي اجتماعي” لافتًا إلى أن هناك إزدواجية ما بين السلوك الديني والشكل الديني، والأغلبية تفتقد السلوك الديني وتلتزم بالشكل الديني فقط.
من جانبها قالت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إن هناك أهمية كبرى للغذاء الفكري والفني، غذاءالبطون هام ولكن غذاء الفكر والثقافة لا يقل أهمية عنه. اختفى هذا الأمر تماما في مصر بعد أن علمنا العالم العربي أجمع الرسائل الهادفة والأغاني الهادفة.
وأشارت “خضر” في حديثها لـ “الحرية” إلى حديث شقيقة شاه إيران عندما ذكرت أنهم تعلموا من مصر أجمل العادات والتقاليد من الفن المصري وكانت مصر هوليود الشرق، تسأل:” فماذا حدث للمصريين؟.
تقول:” أغلقنا الأبواب في وجه الفن الراقي وأبرزنا الفن السيئ، فانتشرت في مصر جرائم القتل والذبح”.
أكدت أستاذ علم الاجتماع أنه لا يمكن التعميم بشأن جرائم معدودة بين فئة المتعلمين أصحاب الشهادات العليا مشيرة إلى ضرورة تعظيم وتكريم الشخصيات التي تلعب دور القدوة أمثال الدكتور مجدي يعقوب “الذي عاد إلى مصر في حين غادر شبابنا إلى الخارج، كي يتخذه الشباب قدوة بدلا من مكافأة الفنانين الذين يقدمون السموم إلى أطفالنا وشبابنا”، مشددة على أن وجود القدوة لدى الشباب يساعد على تشكيل وعيهم الفكري والثقافي ويحد من مثل هذه الجرائم”.
واستنكرت خضر تغييب الثقافة في مصر، تقول:” أنا فتحت عيني على أبلة فضيلة وماما سميحة وألف ليلة وليلة لمحمد محمود شعبان وغيرهم من العظماء أما الأن أنا معرفش وزيرة الثقافة اسمها إيه ولادورها إيه ومش عاوزة أعرف عشان وزيرة الثقافة اليوم مالهاش دور حالي في تشكيل الوعي الثقافي للمصريين”.