كاتب هذه السطور كان شاهدًا على اتصال تليفوني دار في عام ٢٠١١ بين الدكتور معتز عبد الفتاح وكاتب صحفي شهير حول ترخيص قانوني لصحيفة جديدة كانت ستصدر بعد ثورة ٢٥ يناير مباشرة.
وقتها كان عبد الفتاح مستشارًا سياسيًا للدكتور عصام شرف أول رئيس وزراء لمصر بعد الثورة، وكان حديثه مع رئيس التحرير خلال الاتصال التليفوني منحازًا لحرية الصحافة باعتبارها جزءًا من الحريات العامة التي جاءت الثورة لتدافع عنها وترسخها، كان دفاعه الحاسم عن الحريات مساوي لنفس درجة انقلابه عليها خلال السنوات الأخيرة.
ما بين رحلة السياسة والإعلام كانت تناقضات وتحولات معتز عبد الفتاح مثيرة للدهشة والتعجب في آن واحد، فمن انحيازه للثورة ودفاعه عنها بقوة، إلى الانقلاب عليها وعلى الحريات والدفاع عن الحكم الحالي و”تخيير” الناس بين الحرية ولقمة العيش والحياة الكريمة وكأنهما في تناقض أو تباين.
قبل ثورة يناير- وخلال أيام الثورة- كانت مقالات معتز عبد الفتاح التي يكتبها في صحيفة الشروق واضحة وحاسمة في مواجهة نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان هجومه وانتقاده لنظام الحكم عنيفًا بشكل حقيقي، واستمر معتز مدافعًا عن ٢٥ يناير لسنوات قبل أن ينقلب عليها ويرى أنها كانت خطأ ويعلن ذلك بشكل واضح في برامجه في القنوات الفضائية.
معتز عبد الفتاح واصل تحولاته التي ظهرت في برنامجه الذي يقدمه على قناة المشهد الإماراتية، فمن انحيازه للسلطة الحالية ودفاعه المتواصل عنها منذ سنوات، إلى الهجوم عليها بشكل مفاجيء كما حدث أول من أمس وهو ينتقد خلال البرنامج تزايد ديون مصر الخارجية، ثم وهو يضرب المثل بالرئيس السنغالي وحتمية الإيمان بتداول السلطة!
التناقض الجديد لا يمكن تفسيره إلا في سياق عمل معتز في قناة إماراتية، فالعلاقات الرسمية بين مصر والإمارات ليست في أفضل الأحوال منذ فترة، والشد والجذب مستمر بين مصر ودول الخليج بشكل متزايد حتى لو أظهرت الصور الرسمية والبروتوكولية خلاف ذلك، وهنا يبدو واضحًا أن هجوم عبد الفتاح على السلطة في مصر ليس تراجعًا عن أفكاره الداعمة لها بقدر ما هو تعبير عن وجهة نظر ملاك القناة وأصحابها وموقفهم السياسي من الحكم في مصر.
الآن كل ما عليك هو أن تكتب اسم معتز عبد الفتاح على محرك البحث “جوجل”، وربما وقتها تدرك مساحة التناقضات والتحولات لدى شخصية رجل يملك إمكانيات أكاديمية جيدة جدًا، لكن للسياسة لغة أخرى يتبناها ويسير عليها.