في ظل التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، أشار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى احتمالية تطبيق “اقتصاد الحرب” في حالة اندلاع حرب إقليمية شاملة.
هذه التصريحات جاءت وسط تصاعد الأوضاع في المنطقة، مما يثير تساؤلات حول استعداد الدولة لهذا السيناريو وكيفية إدارة الموارد بشكل يضمن استمرارية الخدمات والسلع الأساسية للمواطنين.
التوجه نحو اقتصاد الحرب
يعد “اقتصاد الحرب” نموذجاً خاصاً تعتمد فيه الدول على إعادة هيكلة الاقتصاد لضمان توفير الاحتياجات الضرورية للدولة والمواطنين خلال فترات النزاع.
الدكتور مصطفى مدبولي أكد أن الحكومة المصرية وضعت خططاً لضمان استمرارية إمداد السلع الحيوية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والبترول، تحسباً لأي تداعيات محتملة من الأوضاع الجارية.
ترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة
تعد من أبرز سمات اقتصاد الحرب ترشيد الإنفاق العام وتقليل الهدر في الموارد، حيث يتم التركيز على توجيه الأموال نحو السلع والخدمات الأكثر أهمية، مثل الأغذية والدواء، لضمان الاستجابة السريعة لأي أزمات.
في هذا السياق، أشار مدبولي إلى أهمية الحوكمة وترشيد النفقات بما يتناسب مع التحديات المحتملة.
كما تتطلب هذه المرحلة التنسيق الوثيق بين الوزارات والهيئات الحكومية، حيث أوضح رئيس الوزراء أنه تم إصدار توجيهات واضحة لوزير البترول ووزير الكهرباء ومحافظ البنك المركزي لضمان تنسيق الجهود وتفادي أي تأثيرات سلبية على الاقتصاد المصري.
التجربة المصرية السابقة
لم تكن مصر غريبة على مفهوم “اقتصاد الحرب”، فخلال الفترة من 1967 إلى 1973، اعتمدت مصر هذا النظام تحت مسمى “ميزانية المعركة”، حيث تم توجيه الموارد لدعم الجبهة العسكرية.
وفي تلك الفترة، تم تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الإنتاج المحلي، وهو ما ساهم في تقوية الاقتصاد الوطني خلال تلك الأوقات العصيبة.
هذه التجربة التاريخية أكدت أن الدولة يمكنها تنفيذ اقتصاد الحرب عبر قوانين استثنائية تتيح لها التحكم الكامل في موارد البلاد، بما يشمل فرض الضرائب وتوجيه الشركات نحو تلبية احتياجات الدولة الحيوية.
استجابة للظروف الإقليمية
من المهم الإشارة إلى أن اقتصاد الحرب لا يعني بالضرورة أن الدولة ستكون طرفاً في النزاع.
ومع ذلك، فإن وجود حرب إقليمية في جوار مصر قد يجبرها على اتخاذ إجراءات صارمة للحفاظ على الاستقرار الداخلي.
المهندس عاطف الفقي، مساعد وزير المالية الأسبق لتكنولوجيا المعلومات، أكد في تصريحات صحفية له على أهمية ضبط الإنفاق وتجنب الهدر، مع التركيز على استيراد السلع الأساسية فقط وتجنب الإنفاق على الكماليات.
كما أشار الفقي إلى ضرورة تقبل المواطنين لهذا الواقع، وضرورة أن تلعب وسائل الإعلام دوراً في توعية المجتمع بواجباته ومسؤولياته خلال هذه الفترات، بالإضافة إلى إدراج مفهوم اقتصاد الحرب في المناهج الدراسية لتعزيز الوعي بين الشباب.
الاقتصاد العسكري والمدني
في مثل هذه الظروف، يتوقع أن يشهد الإنفاق العسكري زيادة ملحوظة، حيث يتم توجيه جزء كبير من الموارد لدعم القوات المسلحة وضمان تلبية احتياجاتها.
الدكتورة علياء المهدي، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الأسبق، أكدت أن التوجه نحو اقتصاد الحرب سيصاحبه تقليل الإنفاق على الأنشطة المدنية والتركيز على الجوانب الدفاعية.
وأشارت “المهدي” في تصريحات لها إلى أن الأوضاع الحالية في مصر لا تتطلب تطبيق هذا النموذج بشكل كامل، إلا أن التوترات الإقليمية قد تفرض بعض الترتيبات الخاصة، مثل تقليل الاستيراد والتركيز على الإنتاج المحلي، مع تفعيل دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد الوطني.