رغم اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا أمس في القاهرة، على هامش مؤتمر دول الجوار، فإن ردود الأفعال حول “إمكانية حلحلة” ملف سد النهضة تأتي جميعها متشائمة، على اعتبار أن آبي أحمد لم يفِ بوعوده السابقة فيما يخص بناء وملء السد.
واستقبل أمس الأربعاء، الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بقصر الاتحادية، استعدادًا لانعقاد قمة دول الجوار السبع للسودان (مصر – ليبيا – جنوب السودان – تشاد – أفريقيا الوسطى – إثيوبيا – إريتريا) اليوم؛ للعمل على إنهاء الحرب داخل السودان.
وقال الدكتور ضياء القوصي، خبير الموارد المائية والمستشار السابق لوزير الري: إن وصول آبي أحمد القاهرة أمس، ليس بغرض الحديث عن أزمة سد النهضة وإنما بسبب مؤتمر دول الجوار لحل المشكلة السودانية.
وتوقع القوصي خلال تصريحات خاصة للـ(الحرية): “أنه لا يوجد هناك جديد بخصوص السد في لقاء الرئيس السيسي مع أبي أحمد”، موضحـًا أن آبي أحمد عرض في وقت سابق لدى البرلمان قبل أسبوع من الآن: ثلاث عروض لمصر.
وتابع القوصي: إن العرض الأول هو استئناف المفاوضات حول السد، والثاني يكمن في إقامة مشروعات تنموية مشتركة مع مصر والسودان، والعرض الثالث يتمحور في ملء السد تدريجيـًا في المرحلة الرابعة.
وأشار القوصي إلى أن مصر تستهدف المفاوضات منذ بداية الأمر وتنقلت بين مجلس الأمن والاتحاد الإفريقي وصولًا لواشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، ما يعني أن هذه مطالبة “مصرية- سودانية” قديمة، ولم يتم بثُّ جديد في الأمر.
وأضاف القوصي: “بخصوص المشروعات التنموية، استهدفت مصر في العديد من المرات إقامة هذه المشروعات، ولكن كانت إثيوبيا ترد بالرفض، وأما بخصوص ملء السد تدريجيـًا فهذا أمر غير معقول إطلاقـًا، لأن الملء يتم بناء على النزول المطري وهو أمر ليس تحت سيطرة أي شخص”.
ولفت إلى أنه يمكن للرئيس السيسي أن ينذر بنفاد الصبر المصري نحو القضية، وهو ما يتضح من خلال تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري: “بأن مصر منفتحة على كامل الاحتمالات العسكرية كانت أم السياسية”.
الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، أدلى بعدم تفاؤله من زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد، للقاهرة، قائلًا: “الحل يكمن في الإرادة المصرية، إلا أن مصر فقدت إرادتها قُبالة إثيوبيا عندما وافقتها على اتفاقية 2015 غير الدستورية وغير الشرعية، التي تعد سرية حتى الآن ولم تعرض على البرلمان المصري”.
وأضاف زهران، خلال تصريحات خاصة للـ(حرية): “أن مصر سمحت بالملء الأول والثاني والثالث، وخلال الشهر القادم سيتم بدء الملء الرابع بكل غرور من الجانب الإثيوبي”، موضحـًا أن مصر هي من منحت حق التصرف والغرور لإثيوبيا.
وتابع زهران: إذا كانت هناك إرادة مصرية لحماية النيل من التصرفات الإثيوبية التي تريد العبث بمصالح الشعب المصري حاضرًا ومستقبلًا؛ لكانت تصرفت القيادة المصرية بعدم التوقيع على اتفاقيةٍ تَعلمُ تمامـًا أنها سوف تضر الدولة حتى وإن كانت بحسن نية.
وأردف زهران: “سابقـًا كانت نصف المياه المخصصة لمصر تقدر بحوالي 55 مليار متر مكعب وهي اتفاقية 1959 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما أنشأ السد العالي، أما الآن نتصرف تصرف الضعفاء في مواجهة إثيوبيا بعدما تم بناء السد”، متسائلا: “ماذا نفعل؟.. وماذا سيعطينا آبي أحمد من هذه الزيارة؟”.
وتوقع زهران عدم التطرق إلى قضية سد النهضة نهائيـًا؛ لأن الموضوع انتهى سابقـًا لصالح إثيوبيا، ولم يتم إحراز أي تقدم، فكلها خسائر بحتة، وكل الدعاوى التي يتم الترويج لها من رموز الإعلام المصري الرسمية بكل أسف بشأن تحلية مياه وإنشاء نهر عظيم وتبطين للترع، كلها مشروعات فشلت، وتكلفت مليارات الجنيهات بتصريح من وزير الري.
وقال زهوان: “أننا الآن في مشهد مؤسف للغاية لا يصلح معه اتفاق أو ضرب السد عسكريـًا، كان من المفترض أن يتم ذلك في الملء الأول وليس الآن”.
وذكر زهران، أن كل التصريحات الخاصة بوزير الخارجية المصري بشأن استخدام العنف وتهديد إثيوبيا ما هي إلا للاستهلاك المحلي، ولم ينتجْ عنها أي شيء، فلا توجد بدائل أو خيارات الآن للحل، موضحـًا:” أن هذه مؤامرة كُبرى على الشعب المصري سندفع ثمنها خلال العامين القادمين”.