قبل أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية القادمة في 2024، أعلنت أسماء بارزة خوضها الانتخابات، وسط أحاديث متداولة عن شروط وضمانات نزاهة الانتخابات، ومطالب من تيارات ومرشحين محتملين بضمانات مختلفة لانتخابات حرة نزيهة دون تدخل من الأجهزة والجهات المعنية في الدولة.
ومن المقرر أن تنتهي فترة رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2024، وطبقا للدستور من المقرر أن تنعقد الانتخابات قبل 120 يومًا على الأقل من نهاية مدة الرئاسة، وفي حال احتساب 120 يوما من 2 إبريل القادم ، سيعني فتح باب الترشح يوم 3 ديسمبر القادم.
وفي مشهد يوحي بمشهد انتخابي مختلف، يتساءل البعض: هل تتم الانتخابات بشكل نزيه فعليا؟، وهل تستجيب السلطة الحالية للضمانات المطلوبة بترك ساحة الانتخابات لصناديق الاقتراع لتقول كلمتها؟
محللون سياسيون يتحدثون للحرية عن تصوراتهم للفترة القصيرة القادمة
الدكتور عمرو هاشم ربيع أستاذ العلوم السياسية، يقول إن الطرق التقليدية في التزوير، والتي كان منها اعتماد أصوات الموتى في القبور، وإحياءها في الانتخابات، عفى عنها الزمن.
“سن قوانين لتزوير الانتخابات هي الطريقة الأحدث التي تتبعها السلطة للعب بإرادة الناخبين” يقول ربيع للحرية، موضحًا أنه عندما يتم عمل انتخابات بالقائمة المطلقة، لجعل القائمة التي حصلت على 51 % من الأصوات تأخذ 100% من الأصوات، فهذا تزوير في إرادة الناخبين بالقانون، ولا يتفق مع المعايير التي أصدرها الاتحاد البرلماني الدولي، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، المتثملة في المواثيق الـ 3″ مثاق حقوق الإنسان، مثاق الحريات الاجتماعية ومثاق الحريات السياسية”.
وأضاف ربيع أنه يجب أن يكون هناك جهة محايدة مشرفة ومسؤولة عن العملية الانتخابية، وأيضًا رقابة على العملية الانتخابية من جهات أجنبية ومحلية، رافضًا الإشراف الدولي على الانتخابات، وعلل ذلك بأن مصر ليست دولة ضعيفة.
شكوك إجراء انتخابات نزيهة
لكنه في الوقت ذاته يصف المشهد الحالي بأنه منفلت وغير مناسب للعملية الانتخابية، مطالبًا بوجود رقابة من مؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى تدخول الحكومة بشكل رقابي فقط.
وفيما يخص شكل الإشراف القضائي، يقول ربيع أنه من المهم أن يكون هناك جهة مستقلة تشرف على الانتخابات، ولكن هناك أزمة في إشراف القضاة على العملية الانتخابية، حيث أنهم يشرفون فقط على الصناديق، لكن لا يوجد إشراف على ما يحدث خارج الصناديق. “قد نرى مثلًا من يعيق دخول الناخبين بشكل متعمد”
ورغم وجود اللجنة العليا للانتخابات كمشرفة من الخارج، لكن ربيع يؤكد أن وجودها يمثل مجرد إشراف شكلي فقط، ويضيف:” فلم نجد اللجنة العليا لمرة واحدة تعلن عن تجاوز مرشح، على سبيل المثال، للعملية الانتخابية قامت بفصله ووقفه، اللجنة مجرد ديكور فقط لا غير”.
وكشف ربيع عن وجود أزمة أخرى، ترتبط بقيمة الإشراف على الانتخابات، تواجه الإشراف القضائي، وهي عدم وجود مادة في قانون الهيئة الوطنية للانتخابات تمنع القضاة من توليهم مناصب في الدولة عقب انتهاء مهمتهم، بسبب عدم وجود قانون لعدم ندب القضاة لأي جهة غير قضائية، والقانون إلى الآن لم يخرج.
“هناك مادة في الدستور تقول يجب إصدار قانون لمنع عمل القضاة في جهات غير قانونية، فهذا فساد للقضاة، ففي بعض الأوقات يتم طلبهم لمناصب سياسية أخرى، وبذلك ستغيب الحيادية وسيتم النظر للنفوذ، لذلك لابد أن يتم منع القضاة المشرفين على العملية الانتخابية من عملهم في وظيفة أخرى سياسية أو إدارية لمدة معينة، مابين عامين فأكثر. وهذا “عوار” يعيق نزاهة الانتخابات. كما يؤكد ربيع.
يقول أستاذ العلوم السياسية:”طول الوقت نجد المرشحين يعملون على فتح مشاريع بما فيهم الرئيس السيسي فهو الآن يفتح مشروعات ويغلق مشروعات وهذا لا يجوز في حال كونه مرشحًا فلابد من تساوي الجميع قبل الانتخابات”.
ويضيف:” أثناء الدعاية الانتخابية من المفترض أن يُمنع استخدام وسائل الإعلام الحكومية المصرية لصالح فرد، وُيمنع استغلال الجهات الحكومية لمصلحة فرد، وأيضًا يُمنع استغلال الجهات الإدارية في المحافظات لمصلحة فرد.”
هل يتكرر مشهد المرشح الدوبلير؟
وعن تكرار مشهد الانتخابات الرئاسية في 2018: يقول “مع الأسف المؤشرات مخيبة للآمال، ومتوقع مشهد هزلي للمرشح الدوبلير الذي يتم تسهيل التوكيلات له ويظهر من أمام الشهر العقاري وهو يقول أنا مؤيد للرئيس السيسي”.
وتوقع عمرو هاشم ربيع أن يكون هناك معوقات أمام المرشح المعارض من خلال إصدار أوامر بشكل غير رسمي للشهر العقاري لتعطيل التوكيلات.
ومستقبلًا، يؤكد ربيع أنه في حال فوز السيسي بدورة رئاسية أخرى، فإنه من المتوقع، أيضًا، أن تتبلور مطالب بتغيير الدستور سنة 2028، لتعود من جديد نفس المشاهد السابقة بالمطالبة بتغيير الدستور، فهناك حالة من النفاق السياسي.
“يجمع الوضع الحالي بين مشهدين، الأول 2014 الخاص بوجود المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي فقط، ما يشبه ترشح أحمد الطنطاوي البرلماني السابق. والثاني، مشهد 2018 بوجود موسى مصطفى موسى الدوبلير ويمثله عبد السند يمامة المشرح الوفدي.يضيف، وفي حال أن هناك مشهد محترم للانتخابات، يعتقد أنها ستجمع بين الدورتين، ولكنه مشهد لن يتم، يؤكد ربيع.
ويقول حامد جبر المحامي وعضو الهيئة العليا لحزب الكرامة:” في التيار المدني وحزب الكرامة طالبنا خلال اجتماعاتنا ولجان الحوار الوطني بضرورة أن يستمر الإشراف القضائي، واستجاب الرئيس لهذا المطلب، ونتمنى أن يعمل على تفعيله مع الهيئة الوطنية للانتخابات، هذه ضمانة مهمة جدا حتى يستقر الأمان في نفوس المرشحين بأن القضاء له الكلمة العليا فيما يتعلق بإعلان النتيجة، والإشراف الكامل على الانتخابات هذه هي الضمانة الأولى”.
ويضيف جبر أن الضمانة الثانية تتعلق باللجان الفرعية التي يجب أن يعتد بإعلان نتيجة الانتخابات منها فور الانتهاء من الفرز، ولا يترك الأمر لإعلانها من اللجنة العليا سواء على مستوى المحافظة أو مستوى الجهورية، مؤكدا أن إعلان اللجان الفرعية فيه ضمانة حقيقة لعملية الفرز أمام أعين مندوب المرشحين، حتى لا يُترك مجال لتكرار ما حدث في انتخابات البرلمان السابقة، بإعلان نتائج مخالفة لما كان هو موجود في اللجان الفرعية.
دور وزارة الداخلية
يقول جبر للحرية إن الضمانة الثالثة:” أن تكف الداخلية عن التدخل في الانتخابات تمامًا، وأن يحاسب كل من يخالف قانون الانتخابات فيما يتعلق بتوزيع ما يسمى بالوجبات العينية في المقرات الانتخابية”، مشيرا إلى أن هذا الوضع كان ينتقد في الفترات السابقة سواء من الجماعة الإرهابية أو السلفية وتكراره من قوى مدنية وحزبية لا يجب قبوله على الإطلاق، “نتمنى أن تكون انتخابات تشرف بها مصر أمام العالم كله”.
أيضًا، رفض جبر فكرة الإشراف الدولي على الانتحابات واعتبرها تدخل في قرارات الدولة المصرية وفي مراقبة الضمير الوطني.