تضاعف عدد الأطفال في السودان الذين يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء تقريباً خلال 6 أشهر، حيث يعاني حوالي 75% من الأطفال من الجوع يومياً.
وأدى الصراع في السودان المستمر منذ أكثر من عام، إلى دفع مستويات الجوع إلى مستويات قياسية، مما أثار مخاوف من ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال.
واستناداً إلى أرقام جديدة جذرية صادرة عن شراكة التصنيف المرحلي للأمن الغذائي المتكامل، وهي السلطة الدولية الرائدة في مجال شدة أزمات الجوع، وجدت منظمة “إنقاذ الطفولة”، أن 16.4 مليون طفل، أو 3 من كل 4 أطفال في السودان، يواجهون الآن “أزمة”.
ولفتت إلى أن مستويات الجوع “الطارئة” أو “الكارثية”، ارتفعت من 8.3 مليون طفل في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
يذكر أنه منذ أبريل/نيسان 2023، يشهد السودان صراعا على السلطة بين قوات الجيش النظامي بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقالت المنظمة غير الحكومية، إن 14 شهراً من الصراع المدمر في مناطق إنتاج المحاصيل السودانية في دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة، وتزايد النزوح والقيود الشديدة على وصول المساعدات الإنسانية إلى جانب الفجوة الهائلة في التمويل، قد خلقت واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
ويؤدي الصراع الهائل والمتفاقم إلى قلب النظم الغذائية رأساً على عقب، حيث يقتل آلاف المزارعين، ويترك الأسواق فارغة.
وهناك خطر المجاعة في 14 موقعًا في جميع أنحاء البلاد، حيث يواجه 755 ألف شخص مستويات كارثية من الجوع، عندما لا تستطيع الأسر تلبية أي احتياجات أساسية.
وقد استنفدت جميع استراتيجيات التكيف اللازمة للبقاء على قيد الحياة، وفقًا لشراكة التصنيف الدولي للبراءات.
وتقدر منظمة إنقاذ الطفولة أن 356 منهم سيكونون من الأطفال.
في غضون ذلك، حذّر خبراء في الأمم المتحدة الأربعاء من أن طرفي النزاع في السودان يستخدمان التجويع سلاحا في الحرب، متّهمين حكومات أجنبية تقدّم لهما الدعم العسكري بـ”التواطؤ” في ارتكاب جرائم حرب.
وأشار 4 خبراء حقوقيين مستقلين لدى الأمم المتحدة، إلى أن أكثر من 25 مليون مدني يعانون من الجوع ويحتاجون إلى المساعدات بشكل عاجل، وسط تحذيرات من مجاعة محدقة.
وقال الخبراء، وبينهم المقرر الخاص المعني بالحق في الوصول إلى الغذاء، إن “كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع يستخدم الغذاء سلاحا لتجويع المدنيين”.
وسلّطوا الضوء على الحصار الذي تشهده الفاشر، آخر مدينة في دارفور خارجة عن سيطرة قوات الدعم السريع، والذي ترك مئات الآلاف المدنيين عالقين ويعانون من الجوع والعطش في ظل نقص حاد في الغذاء والمياه.
وأفاد الخبراء الذين عيّنهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ولكنهم لا يتحدّثون باسم الهيئة الدولية، بأن “حجم الجوع والنزوح الذين نراه في السودان اليوم غير مسبوق”. وطالبوا في بيان الطرفين بـ”التوقف عن منع المساعدات الإنسانية ونهبها واستغلالها”.
وشدد الخبراء على أن “الحكومات الأجنبية التي تقدّم دعما ماليا وعسكريا للطرفين في النزاع متواطئة في التجويع والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب”.
ولم يذكر الخبراء أسماء هذه الدول، لكنهم دعوا طرفي النزاع إلى الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار والدخول في مفاوضات سياسية شاملة.
كما دعوا المجتمع الدولي إلى “تسريع التحرّك الإنساني”، وقالوا: “من الضروري أن تسرّع الأمم المتحدة والمانحين الدوليين والدول جهود رفع معاناة ملايين السودانيين الذين يعانون من المجاعة”.
ووفق عارف نور المدير الإقليمي لمنظمة إنقاذ الطفولة في السودان، فإن 14 شهراً من الصراع المدمر حول سلة غذاء السودان إلى ساحات قتال.
وقال: “إن مئات الآلاف من الأطفال الذين تمكنوا من تفادي الرصاص والقنابل يواجهون الآن الموت جوعا والمرض”.
وتساءل: “أين الغضب الجماعي، والعمل اللازم لمعالجة هذه المهزلة؟، لقد فات الأوان بالفعل لمنع انتشار الجوع وسوء التغذية على نطاق واسع، ولكن من خلال العمل الفوري والمنسق، يمكننا إنقاذ الأرواح، وسيحكم علينا التاريخ إذا لم نفعل ذلك”.
فيما أوضحت المنظمة غير الحكومية، أن نقص الغذاء الكافي يمكن أن يؤدي إلى سوء التغذية الذي، بدون علاج، يمكن أن يكون له آثار طويلة المدى على صحة الأطفال ونموهم، بل وقد يؤدي إلى الوفاة.
وأظهرت أرقام التصنيف المرحلي المتكامل لشهر مارس/آذار، أنه في مخيم واحد فقط للنازحين، كان ما يقرب من ربع الأطفال (23%) يعانون من الهزال، وهو الشكل الأكثر وضوحاً وفتكاً لسوء التغذية.
وتعاني الاستجابة الإنسانية للسودان من نقص شديد في التمويل، حيث يساهم المانحون بنسبة 16.8% فقط في خطة استجابة الأمم المتحدة البالغة قيمتها 2.7 مليار دولار.
في يوم انعقاد مؤتمر كبير للتمويل الإنساني في باريس في وقت سابق من هذا العام، وجد تحليل منظمة “إنقاذ الطفولة”÷ أن المبلغ الذي تم جمعه للأزمة الإنسانية في السودان في أول 105 أيام من عام 2024 كان أقل من خمس ما تم التعهد به في يومين فقط لإعادة بناء كاتدرائية نوتردام في باريس.
ودعت منظمة “إنقاذ الطفولة” إلى وقف فوري لإطلاق النار وإحراز تقدم ملموس نحو اتفاق سلام دائم.
وفي غضون ذلك، تضغط المنظمة غير الحكومية المعنية بحقوق الطفل، من أجل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى المدنيين عبر الطرق الحدودية وخطوط القتال داخل السودان، وحماية البنية التحتية الحيوية الضرورية للنظم الغذائية، مثل الأسواق والأراضي الزراعية ومرافق التخزين.
كما تدعو إلى التدخل الفوري من المجتمع الدولي لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في السودان بالكامل لإنقاذ حياة الأطفال.