كتب: أحمد زكي
تعد العلاقات المصرية التركية من العلاقات المهمة في الشرق الأوسط، حيث تجمع البلدين علاقات تاريخية تعود إلى العصور القديمة، وازدادت تعقيدًا خلال القرون الأخيرة. وبعد فترة من القطيعة التي استمرت 11 عامًا، عادت العلاقات إلى مسارها الدبلوماسي الطبيعي، حيث تتجدد الاستثمارات وتتزايد فرص التعاون بين القاهرة وأنقرة.
محطات التوافق والخلاف بين البلدين
على مدار العقود الماضية، شهدت العلاقات بين مصر وتركيا تقلبات عدة، تميزت بفترات من التعاون المشترك وأخرى من الخلافات السياسية الحادة.
الفترة العثمانية: كانت مصر جزءًا من الإمبراطورية العثمانية منذ عام 1517 حتى دخول القوات البريطانية في 1882. وخلال هذه الفترة، كانت العلاقات تدار ضمن إطار الإمبراطورية العثمانية.
عهد الجمهورية المصرية بعد تأسيس الجمهورية التركية في 1923، بدأت العلاقات تأخذ منحى جديدًا، حيث تبادل البلدان البعثات الدبلوماسية وبدأت العلاقات تتخذ طابعًا رسميًا.
التعاون في الستينات والسبعينات تميزت هذه الفترة بتعاون اقتصادي وسياسي متزايد، حيث كانت تركيا تسعى لتعزيز علاقاتها مع الدول العربية، ومصر كانت تسعى لتوسيع نفوذها الإقليمي.
الأزمة السورية 2011 بدأت العلاقات تتوتر بشكل ملحوظ مع بداية الأزمة السورية في 2011، حيث تباينت مواقف البلدين حول الصراع السوري، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية في 2013 بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي.
التقارب الأخير 2023 بعد 11 عامًا من القطيعة، بدأت الدولتان في إعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، حيث تم استئناف التعاون في العديد من المجالات الحيوية.
حجم الاستثمارات المصرية التركية
رغم التوترات السياسية، لم تتأثر العلاقات الاقتصادية بشكل كبير. بلغ حجم الاستثمارات التركية في مصر حوالي 2 مليار دولار، تشمل قطاعات متعددة مثل الصناعات الغذائية، النسيج، والإلكترونيات. في المقابل، تستثمر الشركات المصرية في تركيا في مجالات متنوعة منها البنية التحتية والطاقة. وقد شهدت التجارة البينية نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري 5 مليارات دولار سنويًا.
آراء الخبراء في التقارب المصري التركي
يرى خبراء في العلاقات الدولية أن عودة العلاقات بين مصر وتركيا تأتي في إطار مصالح مشتركة وتحديات إقليمية تتطلب التعاون بين البلدين. فالباحث في العلاقات الدولية، الدكتور محمد عبد العظيم، أشار إلى أن “التقارب المصري التركي يفتح الباب أمام تعاون استراتيجي في قضايا المنطقة مثل الملف الليبي وأمن البحر المتوسط”. في حين يرى الدكتور أحمد السعيد، أستاذ العلوم السياسية، أن “العودة للعلاقات الدبلوماسية ستسهم في تعزيز الاستثمارات المتبادلة وتطوير المشاريع المشتركة، ما سيعود بالنفع على الاقتصادين المصري والتركي”.
خطوة إيجاببة لإستقرار المنطقة
إن إعادة العلاقات المصرية التركية بعد قطيعة دامت 11 عامًا تمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين. وتظل العوامل الاقتصادية والاستراتيجية هي الدافع الأساسي وراء هذا التقارب، الذي من المتوقع أن يحقق فوائد ملموسة للطرفين في المستقبل القريب.