أتقدم إليكم بخالص التهاني القلبية ، بمناسبة حلول رأس السنة الهجرية 1445 هـ ، التي تذكرنا بهجرة النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آل بيته الأكارم وسلم، المليئة بالدروس والعبر وفنون التعامل مع البشر واتخاذ القرارات وإحداث التغيير وتوحيد القلوب وتعزيز الحرية ومعايير العدالة والإنصاف واحترام المرأة والأخذ بالأسباب والتضحية الراشدة ، وهي معاني تفيد الكيان الأسري والمجتمعات.
إن بدء عام هجري جديد، فرصة لكل بيت وقلب، لتدبر المعنى السلوكي ، للهجرة بما يفيد البيوت المأزومة ،على الأخص ، فهو فرصة لهجر الشقاق وتعزيز سبل الوفاق ، وهجر السلبية العدوانية وإعلاء التغافل والتسامح، وهجر الخصام والمشاحنات والهجران واعلاء لم الشمل والصلح والاحسان، وهجر النرجسية واعلاء التواضع والتراحم ولين الجانب، وهجر التعلق المرضي وإرساء قواعد الحب الإيجابي والتعلق بالله عزوجل ، وهجر حب التملك والسيطرة وتعزيز المشاعر الإيجابية والمسافات الصحية الإيجابية.
إن الأسر والمجتمعات في حاجة كذلك إلى التمعن الدقيق في الارتباط الوثيق لفكرة الهجرة النبوية، بالتحرر والحرية، لأن القلوب في هذا الزمن باتت في حاجة ملحة إلى التحرر من أغلال العلاقات السامة والمعاملات العدوانية والدوائر السلبية ، وفي مقدمتها التحرر من أغلال البخل في ( المشاعر – القرب – الاهتمام – المال الخ )، وقيود الأنانية وقبضة مشاعر الأذى والحسد والحقد والغل والمناكفة والانتقام،واعلاء الإنفاق الإيجابي دون إسراف، والاتجاه إلى جبر الخواطر والتعاون، وتعزيز مسارات السلام النفسي ، وإرساء مشاعر الرضا والحمد وسلامة الصدر وقواعد الحوار البناء.
إن تحرر القلوب والعقول والأرواح والنفوس من العلاقات السامة والدوائر السلبية والمعاملات العدوانية، وهجر البيوت للأفكار المؤذية والمشاعر الجارحة والسلوكيات الضارة ، هو دواء مطلوب بشدة للعديد من أمراض هذا العصر المأزوم ، من أجل الإستفادة المعمقة من عبق الهجرة النبوية المباركة، والتي قال صاحب ذكراها الأكرم ، صلى الله عليه وسلم، في حديثه الشريف الحكيم : “..والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه”.