يؤكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى جميع الاتفاقيات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية والاتفاقيات الخاصة بمناهضة العنف ضد المرأة، على مجموعة من الحقوق الأساسية. وتشمل هذه الحقوق المساواة والمواطنة وعدم التمييز على أساس النوع (ذكر وأنثى)، إضافة إلى الحق في المعيشة الكريمة، الصحة، التعليم، المياه النظيفة، العمل، والسكن.
وفي دستورنا المصري لعام 2014، والذي تم إقراره بعد ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، نجد نصوصًا واضحة على حقوق الفلاحين، عمال الزراعة، الصيادين، والعمالة غير المنتظمة، بما في ذلك الحماية الاجتماعية، المعاش المناسب، والتأمين الصحي. كما يضمن الدستور حقوق العمال في بيئة عمل لائقة وآمنة، ويجرّم الفصل التعسفي.
بالنسبة للمرأة، ينص الدستور على المساواة بينها وبين الرجل في جميع المجالات: الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، والثقافية. كما يحميها من جميع أشكال العنف، ويضمن لها حماية الأمومة، الطفولة، والنساء المعيلات، وكبار السن، والأكثر احتياجاً.
استراتيجيات ومعضلات
في سبتمبر 2021، صدرت “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، والتي تتضمن جميع جوانب الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. كما أُعلن عام 2022 “عام المجتمع المدني”، بهدف تعزيز دور المنظمات غير الحكومية في المشاركة مع الحكومة في وضع الخطط وتفعيل الرقابة.
على الرغم من هذه المبادئ الدستورية والاستراتيجيات المعلنة، تظل الأزمات تخنق المواطن المصري. فالمشكلة لا تكمن في تغيير الأشخاص فقط، بل نحن بحاجة إلى تغيير السياسات. تعيين المسؤولين المؤهلين القادرين على وضع السياسات التي تحل الأزمات وتنهض بالبلاد هو الأساس.
أزمات مستمرة
الارتفاع المستمر في الأسعار دون رقابة، نقص الأدوية الأساسية، وانقطاع الكهرباء في الصيف، كلها أزمات تعكس غياب التخطيط وتخبط السياسات. على سبيل المثال، انقطاع الكهرباء أثر على المصانع والخدمات الإلكترونية، وزاد من تكاليف الأسر مع ارتفاع فاتورة الكهرباء إلى مستويات لا يقدر عليها غالبية الشعب.
كما نجد تدهوراً في الخدمات الصحية، والتي ينص الدستور على كونها حقاً لكل مواطن. ومع ذلك، لا تتجاوز ميزانية الصحة 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يفاقم نقص الأطباء والتمريض ويؤدي إلى هجرة الكفاءات للخارج.
أولوية التعليم والصناعة
وفيما يخص التعليم، يتطلب الوضع عقد مؤتمر قومي لوضع سياسة تعليمية جديدة، تركز على الانتماء الوطني، وتنمية القدرات والمهارات المطلوبة لسوق العمل. الميزانية المخصصة للتعليم والبحث العلمي تراجعت في السنوات الأخيرة، مع نقص المدرسين والبنية التعليمية، وهو ما يستدعي زيادة الاستثمارات في هذا القطاع الأساسي.
من جهة أخرى، أدى تدمير القطاع الصناعي نتيجة سياسات الخصخصة إلى تشريد آلاف العمال وزيادة البطالة. نحن بحاجة إلى تطوير المصانع ودعم الصناعات التحويلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والحد من الاعتماد على الاستيراد.
الحلول المطلوبة
حل الأزمات في مصر يتطلب سياسات جديدة تعتمد على الكفاءة والاستثمار في التعليم والصحة والزراعة والصناعة. نحتاج إلى تشريعات حديثة تحقق الأمان الوظيفي وتضمن حماية العمال والنساء، مع مراجعة قوانين العمل والمعاشات.
ختاماً، إذا أردنا النهوض بمصر وتحقيق الاستقرار، يجب أن نحدد الأولويات ونعتمد على الكفاءات القادرة على وضع سياسات تساهم في تحسين حياة المواطنين وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي.