حذر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، من خطر التَّعصب الرِّياضي، مؤكداً أن كلاً من: “السخرية، والتنابز بالألقاب، والسبٍّ، والغيبة، والعنف اللفظي”، تعد من السلوكيات المحرمة، والتي تنافي الروح الرياضية الراقية، وتُهدد السِّلم المُجتمعي.
وأفاد البيان، انه مع إباحة الإسلام الحنيف لممارسة الرياضة، والأخذ بأسباب اللياقة البدنية، والقوة الجسمية، ومع ذلك وضع ضوابطَ للألعاب البدنية يحافظ اللاعب من خلالها على دينه، ونفسه، وماله، ووقته، وسلامته، وسلامة غيره، بما في ذلك منافسه.
وجعل ديننا الإسلامي، مراعاة هذه الضوابط كاملة أمرًا لا ينفك عن حكم الإباحة المذكور، حيث في حالة لو أُهدرت، أو أُهدر أحدُها بما يبعث على الانحرافات الأخلاقية والسلوكية، أو الفتنة، ومن ثمّ الفرقة وقطع أواصر الترابط في المجتمع، كان ذلك مُسوّغًا للتحريم.
وفي سياق متصل، لا شك أن الحفاظ على الوَحدة مقصد شرعي جليل راعته هذه الضوابط، وقام على وجوبِ حِفظه أدلة عديدة، منها قول الله سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا..} [سورة آل عمران: 103]؛ حتى كان زوال مسجدٍ أولى عند الله سبحانه من نشوب فتنة، أو ظهور فُرقَة؛ ويدل عليه قوله تعالى لنبيه رسول الله ﷺ في مسجد ضرار: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}. [سورة التوبة: 108]
وأوضح رسول الله ﷺ أن إذكاء الفرقة من فعل الشيطان، فقال محذرًا: «إنَّ الشَّيْطانَ قدْ أيِسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ في جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِنْ في التَّحْرِيشِ بيْنَهُمْ» [أخرجه مسلم].
وما يحدث عقب المباريات الرياضية من ممارسات سلوكية غير أخلاقية؛ سواء على الشّاشات التلفزيونية، أم على صفحات مواقع التّواصل الاجتماعي؛ تتضمن إشارات بذيئة، وألفاظ نابية، وأوصاف مشينة، لا تتناسب مع أخلاق ديننا، وتاريخ أمتنا وثقافتنا، وحضارتنا، ولا تعد أمرًا هينًا فالكلمة أمانة ومسئولية سيحاسبنا الله سبحانه وتعالى عليها.
كما حرص مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على تأكيد حرمة هذه السّلوكيات وما تضمنته من سخرية، أو تنابذ بالألقاب، أو تعصب، أو سبٍّ، أو غيبة، أو عنف لفظي وبدني؛ فأدلة الشرع على تحريم هذه السّلوكيات وأمثالها أكثر من أن تحصى، ومن ذلك قول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [ سورة الحجرات: 11]، وقول سيدنا رسول الله ﷺ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً؛ يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً؛ يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» [أخرجه البخاري وغيره]، وقوله ﷺ: «ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ، ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحش، ولا البذيءِ» [أخرجه الترمذي والحاكم].
وقام المركز، بمناشدة مسؤولي منظومات الرياضة أن يواجهوا هذا التّعصب الرّياضي بوسائل توعويّة وعقابيّة تمنعه بالكلية، كما يهيب بالرياضيين أن يكونوا قدوة صالحة لأبنائنا، ولجماهير لعبتهم، وأن ينكروا التصرف الخاطئ على من جاء به من أي فريق أو اتجاه، وأن يغرسوا في النشء الانتماء الخالص للدين والوطن.
وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، وَعَلَىٰ آلِهِ وصَحبِهِ والتَّابِعِينَ، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.