قال أحمد كمال بحيري، الباحث المتخصص بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن تحرك جنوب إفريقيا لرفع دعوى ضد حكومة جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن الجرائم التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني خصوصًا في غزة، هو تحرك مؤثر على المستويين السياسي والقانوني، وعلى توجه الرأي العام العالمي.
وأضاف بحيري في تصريحاته الخاصة لـ”الحرية”، أن دعوى جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية، كشفت إزدواجية المعايير من قبل الدول الأوروبية الكبرى والغرب بشكل عام، خاصة في ظل الدعم الكامل من الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، حيث قال أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، إن مثل تلك الدعاوى تعرقل مفاوضات السلام.
وتابع الباحث بمركز الأهرام، أن ما تفعله جنوب إفريقيا هو استكمال لإحراج المجتمع الدولي، وكشف إزدواجية المعايير الخاصة بمجلس الأمن، مضيفًا أن تلك الخطوة وإن كانت خطوة قانونية، إلا أن مضمونها سياسي بامتياز، وهي لا تقل عن أي تحرك من التحركات التي يقوم بها أطراف من داخل القضية الفلسطينية ذاتها.
وواصل أحمد كمال بحيري، أن خطوة جنوب إفريقيا كاشفة أيضًا للدور العربي الهزيل تجاه دعم ومساندة القضية الفلسطينية، وأبرزها تصريح أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والذي لم يأت بجديد، بل أظهر ضعف الجامعة ودخولها غرفة الإنعاش بل وإن شئت الدقة “المقابر”.
واستكمل حديثه قائلاً: “فجامعة الدول العربية لا تمتلك أي صلاحيات لفعل أي شيء على المستوى المؤسسي، لإنها محكومة بإجماع أعضائها، كما أن مجموعة الدول العربية أصبحت منقسمة على نفسها، لذلك فالقضية الفلسطينية أصبحت نبراسًا لإظهار التباين والتمايز والتناقض بين الدول العربية بعضها البعض.
وأردف: الكثيرين ينظرون إلى القضية حاليًا باعتبارها قضية دولة جوار وليس قضية مركزية لكافة الدول العربية، قضية مثلها مثل قضية أوكرانيا لدول الخليج، ليست قضية مليئة بالمنطلقات العربية، والمقدسات الدينية التي تجمع وتوحد بين الشعوب، للأسف هذه الأمور غير موجودة حاليًا، لا في أجندات الحكومات ولا في عقول مسئوليها.
والبعض الآخر يتحرك لكونها قضية جوار، وأن ما يدفعه للتحرك هو الضرر الأمني الواقع عليه من جراء الحرب، وأثره على الداخل الفلسطيني وعلى دول الجوار، والبعض الثالث مكتفي بالمشاهدة وإطلاق التصريحات بدون تواجد فعلي على أرض الواقع.
وشدد بحيري على أن هناك فوارق كبيرة وتمييز بين دول الجوار الفلسطيني وخاصة مصر والأردن ولبنان، وبعض دول الخليج، لذلك فما فعلته جنوب إفريقيا كشف الجميع، وجعله يطلق عليها لقب “جمهورية جنوب إفريقيا العربية”، ولفظ العربية هنا معناه أنها تنتمي للمنطقة العربية رغم عدم تحدثها باللغة العربية.
واختتم البحيري حديثه: “وهذا هو ما يجب أن تفهمه جامعة الدول العربية، أنها مؤسسة يجب أن تضم كل من يعمل لصالح القضايا العربية، ولأجل المنطلقات العربية والثوابت العربية والمصالح العربية، وأن القضية الفلسطينية هي من أهم المنطلقات والمصالح والثوابت العربية، وأن الدولة الوحيدة التي عبرت عن كل ذلك هي دولة جنوب إفريقيا العربية وهي غير ناطقة باللغة العربية”.